مجلة أنثروبولوجية الأديان
Volume 8, Numéro 2, Pages 151-154
2012-06-15

الفن والتاريخ

الكاتب : محمد بلعربي .

الملخص

الفن كلمة واسعة النطاق شاسعة المدلول، تستعمل في مجالات تبدو مختلفة، لكنها تدل في الأعم الأغلب على نشاط بشري يمتاز بالإبداع و الابتكار، سواء كان هندسة أو شعرا أو رسما أو غير ذلك مما يبدعه الإنسان في حالة شعورية يرافقها نوع من الوعي والإدراك يميزها عن غيرها من الحالات. وللفن تاريخ قديم، هو تاريخ الإنسانية منذأن شعر الإنسان بالحاجة إلى العمل وهو انجاز وقهر الطبيعة ومقاومة الموت والفناء.أو ليس العمل الفني سوى تخليد لصاحبه...ألسنا نعرف "هومروس وأرستوفان" و"ليوناردو دي فانشي" إلا من خلال ما تركوا من أعمال وإنجازات فنية هي التي خلدتهم وتجاوزت بهم حدود الموت؟ لقد أدرك شاعر قديم هذه الحقيقة فعبر عنها في هذا البيت : يموت رديء الفن من قبل أصله وجيدة يحي وإن مات قائلهوليس من شك أن الفن قد سار في تاريخه من التعبير إلى التجريد على نحو قد يؤكد لنا وجهة نظر التجريديين المعاصرين، ألم يبدأ الفن صورا على جدران الكهوف تصور الحيوان المراد اصطياده تصويرا مباشرا....وإذا نحن أدخلنا الكتابة في أنواع التصوير فلنا إن الإنسان قد استعان عن الصور المباشرة بكتابة يكتفي فيها بالرمز إلى الموضوع دون رسمه رسما مباشرا (1) وهذا يدل على أن الفن قد تطور في مساره التاريخي، وانتقل من البدائية الساذجة والصورة الواضحة المباشرة إلى التجريد الغامض، والتعقيد المطلسم الذي يختلف فيه الفهم ويكثر التأويل...فإذا نحن أمام مدارس فنية مختلفة واتجاهات متباينة، تصل أحيانا إلى حد التناقض الذي يمس الشكل أحيانا، ويطال حينا آخر، المحتوى والمضمون. ولعله من الواضح أن الاختلاف في مدارس الفن يقدر ما يجعل الوحدة فيه مستحيلة ، يكون له عامل إثراء وإغناء يضاف بعضه إلى بعض في مسيرة الفن التاريخية التي تكون أشبه بالبناء الشامخ المكون من طوائف متعددة مختلفة المهندسات وقد يختلف المفكرون والأدباء أنفسهم - باعتبارهم فنانين – من هوية الفن وماهيته مواقف مختلفة، فأفلاطون يرى الفن تقليدا للطبيعة والسمو بها إلى ما فوق الطبيعة بحيث أن الفنان لاينقل الطبيعة كما هي نقلا جامدا بل يستوحيها ويضيف إليها ما يراه بعين عبقرية الخلافة مصورا ما يراه جمالا مثاليا مضيفا أليه العنصر الإنساني(2) وليس من شك في أن الفن كلما ارتفع عن النقلية وتجاوز حدود الواقع كان أقرب إلى السمو وألصق بذات الفنان وأكثر تعبيرا عن شخصيته الفنية . وكلما كان الفن تقليدا كان أقرب إلى السطحية والسذاجة.

الكلمات المفتاحية

الفن، التاريخ