الخطاب
Volume 8, Numéro 14, Pages 229-246
2013-04-01

مساءلة النص بهدف تحصيل الملكة النصيّة ــ مقاربة تعليمية مِن زاوية اللسانيات المعرفية ــ

الكاتب : مقران يوسف .

الملخص

يُمكِن ضبطُ إشكاليّة المداخلة ضمنَ هذا التساؤل المبسِّط: إلى أيّ مدى يُوفَّق التّعليميّون (المعلِّمون والمبرمجون) في صياغة الأسئلة المراد بها مساءلة النصّ التّعليمي (الأدبي وغيره) وهم يرومون تحصيل الملَكَة النصيّة عند المتعلِّمين ؟ وفي سياق هذه الإشكالية الخاطفة ينبغي أن نذكِّر بأنّ الملكة النصية ــ إذا ما ربطناها بالقارئ ــ نجدها ترتبط بالصناعة، أي المعرفة الإجرائية، ويصبح الحديث عمّا يُدعى بالفرنسية (Savoir-lire) على قياس (Savoir-faire). من هنا يمكن تجزئة هذه الملكة إلى عدة كفايات يُسعى إلى تطويرها مع التدريب بما يشكِّل لاحقاً الخبرة الشخصية في التعامل مع النصوص. ذلك أنّه تمّ وضع تصوّرٍ للملَكة النصيّة في ظلّ تعليميّة النصّ الأدبي ــ أوّلَ مرّة ــ من زاوية إنتاج النصّ، أي تحديد سمات النصيّة التي يكون منتِج النص قد تحلّى بها بعد المراس والتكريس، وهو ما يرجع إلى انطوائه على نوعٍ من ملكة خوّلت له كتابة النصّ. ولكن يمكن التكفّل هذه المرّة بزاوية التلقّي، وأهمّ ما في التلقّي الفهمُ والاستيعابُ وقبل ذلك كلّه الاستماع والإصغاء والإنصات، أو القراءة (بتداعي الأفكار وما يمكن أن يُستوحى) بدءاً مِن التعرّف على الأصوات والكلمات والجمل والفقرات وقضايا الاتّساق ..الخ ــ مما علّمنا إياه علم النص، وهو ما يمكن أن يُدرج في كلّ ما يدور في فلك ملكة الفهم عن طريق مثل هذه المفردات المترادفة (المتفاوتة). علماً أنّ الملكة النصية تنفع في تعلّم لغات ثانية. بيد أنّه ينبغي التفريق ما بين النصّ (الأدبي) ـ الذي نقيم به جسراً ما بين الأدب والتعليمية وتعلّم اللغات وتعليمها ــ وبين الوثيقة النصيّة كسند تعليمي. وبالتالي يجدر الانطلاق ــ في المداخلة وكما جاء في إشكاليّة الملتقى ــ من الواقِع الذي يتمثّل في البحوث الاختباريّة التي ترفَق بها عمليّة القراءة فالتأويل وإدراك معالم النصيّة التي ستدمج ضمن الهموم التعليميّة. كما يقتضي الأمر التركيز أكثر على دور المعلِّم في إكساب تلكم الملكة التي تهمّ المتعلِّم مدى الحياة، كون القراءة عدّة لا يمكن حصر منافعها. وكذلك تفرض المقاربة التي نأمل انتقاءها معالجة المسألة مِن زاوية تعليمية النص (الأدبي وغيره)، التي يمكن أن تنهض بأعباء الإجابة على أسئلة من نوع: ماذا يهمّ تعليمه، هل: النص ذاته أم اللغة أم العمليات المرفِقة للفهم والمساعدة له والتي يُرادُ تطويرُها لدى المتعلِّم ؟ وكذلك هنا تسترجع التساؤل الأبدي: كيف يمكن بَنْيَنَة الفكرة نصّاً وكذا تأويلُها بفعل القراءة ؟ وما هي المدخلات الذهنيّة والمخرجات التي تسمح بتلقّي المعلومة كما قصدها صاحب النصّ ؟ هذا وقد جاء التفكير في الموضوع جراء ما لاحظناه من فرط الاهتمام بالنتائج وتكريس المضمون على حساب المسارات والعمليات المعرفية (Processus et opérations cognitives). ثمّ إنّ هناك من يَرى أنّ مناهج التعليم تهتم بتمرير المحتويات ولا تقف كثيراً عند المسارات الإدراكية المعرفية المؤدية إلى تطوير ملكة الفهم سواء على المستوى الشفاهي أو المستوى الكتابي . ومِن بين الأضرار التي قد تُصاحِب هذا الإهمال ضياع المعلومة ذاتها.

الكلمات المفتاحية

--