مجلة الدراسات العقدية ومقارنة الأديان
Volume 11, Numéro 2, Pages 78-95
2022-04-15

فرقة التوحيديين: جذورها وعقائدها

الكاتب : أوعثماني صونيا .

الملخص

من رحمة الله تعالى بعباده أن أرسل إليهم الأنبياء والمرسلين لهدايتهم وتوجيهم إلى خالقهم، وتوحيده في ذاته وأسمائه وصفاته وعبادته وحده لا شريك له، وهذه الرّسالة هي رسالة جميع الأنبياء والمرسلين مصداقًا لقوله تعالى في سورة الأنبياء 25: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) وحتى في التّوراة رغم تأكيد الدّراسات النّقدية على تحريفها مازال هناك بعض آثار وبقايا التّوحيد الخالص ويظهر ذلك -على سبيل المثال- في الوصية المذكورة في سفر الخروج 20: 3: "لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي" ونفس الأمر مذكور على لسان المسيح في العهد الجديد عندما أراد الشّيطان أن يجرّبه، متى4: 10: "...حِينَئِذٍ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ" ورغم هذا الإقرار من المسيح نفسه على توحيد الله ووجوب عبادته وحده لا شريك له والشّهادات الأولى المكتوبة عنه -المسيح- التّي تتطلّع دائمًا أن تظهره أنّه كان إنسان... هناك فئة من النّاس أرادت طمس هذه الحقيقة وسعت إلى اخفائها على مرّ العصور والسّنين وجعلت من المسيح إلهًا من دون الله، ودام الجدال بين من يقول ببشريته ومن بين يقول بألوهيته حوالي أربعة قرون إلى غاية مجمع نيقية حين تدخّل الأباطرة الرّومان في تقنين العقائد المسيحية لتحقيق مآرب شخصية وأخرى سياسية وتمّ الاعتراف بعقيدة التّثليث وألوهية المسيح والتصدّي لجميع الهرطقات التّي كان التّوحيد إحداها... ومن بين الشّخصيات التي قالت ببشرية المسيح وتم اضطهادهم عبر العصور: بولس الشميشاطي أسقف أنطاكيا، الأسقف لوسيان الأنطاكي أستاذ أريوس والأستاذ الشهير آريوس أسقف كنيسة بوكاليس في الأسكندرية، ويوسبيوس النيقوديمي أسقف بيروت... لكن رغم تصدي الباباوات لوقف هذه الحركات في كلّ عصر إلّا إنّها لم تختف ومازالت آثارها باقية إلى اليوم حيث ظهرت في القرن السّادس عشر الأفكار التّوحيدية لدى العديد من اللّاهوتيين في بولاندا ورومنيا، المجر، إنجليترا ثمّ انتقلت فيما بعد إلى شمال أمريكا أين تأسّست الجمعية التوحيدية الأمريكية على يد: القسيس الأمريكي ويليام إيليري تشانين William Ellery Channing (-17801842) الذي كان له الفضل في تطوير وإرساء دعائم الكنيسة التوحيدية Church Unitarian في أمريكا وبريطانيا التي تعتبر الموحدين القدامى والفرق الموحّدة القديمة جذورها وسلفها الصالح واستمرار للحركة السوسيانية التوحيدية التي ظهرت ونمت في القرن السادس عشر والتي مثّلت في الواقع أول انطلاق للكنيسة التوحيدية في العصور المتأخرة، ونظرًا لأهمية الموضوع المتمثّلة في بيان أصول المسيحية على حقيقتها وكما جاء بها المسيح عليه السّلام تتضح لنا الإشكالية الرّئيسة للبحث: ماهي جذور فرقة الموحّدين؟ من هو مؤسّسها وماهي أهم معتقداتهم وأفكارهم؟ وللإجابة على هذه الإشكالات اعتمدنا المنهج التّاريخي والمنهج الوصفي لملاءمتهما لموضوع بحثنا

الكلمات المفتاحية

ط ; الت