أمارات في اللغة والادب والنقد
Volume 1, Numéro 1, Pages 11-25
2017-12-30

تحليل أخطاء الجمع في العربية في ضوء اللسانيات التطبيقية

الكاتب : مختار درقاوي .

الملخص

لا تعدّ قضية الخطأ في "الجمع" عقبة أمام الناطقين والمتعلمين المحدثين فحسب، بل هي من القضايا التي وقع فيها القدماء، والمتأمّل في كتب تنقية اللغة الموروثة عن السلف يجد شيئا من ذلك، إذ عقد ابن مكي الصقلّي(ت501هـ) في مؤلّفه "تثقيف اللسان وتلقيح الجِنان" ثلاثة أبواب للجمع: "باب غلطهم في الجموع"، و"باب ما جاء جمعا فتوهموه مفردا"، و" باب ما جمعوه مما لا يجوز جمعه" . ثم أشار الحريري (ت516هـ) في "دُرّة الغوّاص في أوهام الخواص" إلى غلط بعضهم في الجمع، وضرب على ذلك بأمثلة كثيرة؛ منها: جمع أرض على"أراض"، "فيخطئون فيه. لأنّ الأرض ثلاثية، والثلاثي لا يُجمع على أفاعل، والصواب أن يقال في جمعها: أرَضون بفتح الراء، وذلك أنّ الهاء مقدّرة في أرض، فكان أصلها أَرْضَة وإن لم يُنطق بها، ولأجل تقدير هذه الهاء جُمعت بالواو والنون على وجه التعويض لها عمّا حُذف منها، كما قيل في جمع عِضَة: عضون، وفي جمع عِزَة: عِزون، وفُتحت الراءُ في الجمع؛ لتُؤذن الفتحة بأنّ أصل جمعها أرضَات" . ولم يكتف بذكر هذا الخطأ وإنما أردف خطأ آخر، نصه: "ويقولون في جمع فم "أفمام". وهو من أوضح الأوهام، والصواب أن يقال: أفواه، كما قال سبحانه: "يقُولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم" ، وذلك أنّ الأصل في فم فَوْهٌ على وزن سَوْط، فحذفت الهاء تخفيفا لشبهها بحروف اللين؛ فبقى الاسم على حرفين، الثاني منهما حرف لين، فلم يروا إيقاعَ الإعراب عليه لئلا تَثْقُل اللفظة، ولم يروا حذفه لئلا يُجْحفُوا به، فأبدلوا من الواو ميما، فقالوا: فم، لأنّ مخرجهما من الشفة، والدليل على أن الأصل في "فم" الواو قولهم: تفوّهت بكذا، ورجل أفوه، ولم يقولوا تفمّمت ولا رجل أفمّ" . وأشار ابن الحنبلي (ت971هـ) هو الآخر إلى الخطأ الذي يقع في الجمع في مؤلَّفه: "بحر العوام فيما أصاب فيه العوام"، وذكر: "من ذلك قولهم: قبّلنا أياديكم، مع اشتهار-أي جمع- الأيادي في النعم، والأيدي في الجوارح المخصوصة" . ونبّه عليّ بن بالي القسطنطيني (ت 992هـ) في: كتابه "خير الكلام في التقصّي عن أغلاط العوام" إلى قضية الخطأ في الجمع فقال:" ويقولون في جمع "فَرْو": "أفرية"، وصوابه: فِراء" ، وهكذا يتبين مدى الصعوبة التي لقيها سلفنا عند تعاملهم مع "الجمع"، والصعوبة نفسها نجدها عند الناطق بالعربية وبغيرها في العصر الحديث، وسيأتي بيان ذلك بعد الحديث عن الأداة الإجرائية التي سنستعين بها للتخفيف من هذه الظاهرة .

الكلمات المفتاحية

التحليل، الأخطاء، اللغة، العربية، اللسانيات التطبيقية,