المجلة الجزائرية للعلوم الإجتماعية والإنسانية
Volume 8, Numéro 2, Pages 566-600
2020-12-31

تكنولوجيا الاتصال الحديثة و حق الشعوب في اختيار النظام الثقافي الوطني

الكاتب : راشدي كمال . ينون فاطمة الزهرة .

الملخص

الملخص إذا كانت بنيات و علاقات و أفكار و مبادئ و قواعد الوضع الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية ما تزال قائمة، ولها فاعليتها، فإن الأساليب والآليات المستعملة لاقتحام حدود و أقاليم الدول الأضعف قوة، خاصة دول العالم الثالث، قد تغيرت لفائدة آليات حديثة، تجد دعامتها في التفوق التكنولوجي للاتصال و المعلوماتية و نقل المضامين الثقافية عبر هذه التكنولوجيا الحديثة للاتصال، من بينها البث التلفزيوني المباشر عبر الأقمار الصناعية، الصناعة الثقافية و الشبكات العالمية للاتصال و المعلوماتية التي وضعت بنية ما يسمى بالطرق السريعة للمعلومات، التي بدورها مهدت لظهور ما سمي بمجتمع المعلومات Société de l’information، أو مجتمع ما بعد الصناعي Post-industries ، تمييزا له عن عصرين أو نمطين سابقين: العصر الزراعي والعصر الصناعي. ساعد فيه الإنتاج العالمي لأنشطة المعلوماتية ظهور عمليتين مرتبطتين تتمثلان في عملية التخطي التجاري للحدود الوطنية و عملية التخطي المعلوماتي للحدود الوطنية. لهذا يحاول البعض ترسيخ الاعتقاد بتحول العالم إلى سوق عالمية يكون فيها المجال واسعا لتدفق الرسائل الإعلامية والاتصالية و الثقافية في جميع أنحاء العالم، بحثا عن إقامة ثقافة عالمية واحدة متجانسة، تتقلص فيها المسافة بين الثقافات الإنسانية المختلفة، وتتداخل فيها المرجعيات والمعتقدات و الانتماءات وتتغير فيها الولاءات، يتخيل للإنسان زوال البنى الثقافية الوطنية للدول. يتميز العالم في ظلها بخصائص الشمولية و قوة التأثير على القيم و الأنظمة الثقافية للدول، خلقا أو تعديلا وتوجيها، بعد أن أصبح بمقدور الإنسان أن يتلقى رسائل إعلامية و منتجات ثقافية، بالنص و الصوت و الصورة، يكون أكثر شعورا و إحساسا و تأثرا بها، دون أن يكون بإمكان سلطات الدول المستقبلة الحيلولة دون تلقيها، مما يجعلها غير قادرة على مراقبة مضامينها، تستخدمها الدول المتقدمة بهدف توفير الظروف الملائمة لفرض ثقافاتها ونظامها الليبرالي بكل مكوناته من قيم و منظومة تربوية على الشعوب، ليكون نظاما عالميا وكأنه قاعدة من قواعد القانون الدولي الملزمة. وذلك على حساب السيادة الثقافية والهوية الثقافية والحضارية للشعوب وحقها في تقرير مصيرها الثقافي و الاختيار الحر لنظامها الثقافي و حق التنوع الثقافي المكرسين في العديد من النصوص الدولية. هذه الدراسة محاولة لبحث علاقة تكنولوجيا الاتصال الحديثة بالنظام الثقافي الوطني و حق الشعوب في اختياره بكل حرية و محاولة تحليل للإلمام بالجوانب الفكرية والقانونية لهذه العلاقة من حيث الآثار التي ترتبها هذه التكنولوجيا على حق الشعوب في اختيار نظامها الثقافي الوطني بكل مكوناته( قيم ثقافية، لغة ونظام تربوي) على غرار حقها في اختيار نظامها السياسي و الاقتصادي بحرية طبقا لقواعد القانون الدولي.

الكلمات المفتاحية

تكنولوجيا الاتصال الحديثة ; السيادة الثقافية ; النظام الثقافي الوطني ; حق اختيار النظام الثقافي ; القيم الثقافية