التراث
Volume 3, Numéro 2, Pages 80-90
2013-04-15

جهود محمد بن شنب ومنهجه في التحقيق

الكاتب : محمد زيوش .

الملخص

لقد شهد العصر الحديث حركة عربية دؤوبة لإحياء التراث، والكشف عن دفائنه، وبخاصة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وإن كان المستشرقون هم السبّاقون إلى هذا العلم الجديد القديم على العرب، جديد من حيث إنّ فضل السبق كان لهم في نشر تراثنا العربي، وتنبيهنا إلى كتبنا ونوادر مخطوطاتنا، والتي لو لم يكن فيها: " نفع وغناء لحضارة الغرب ما صرفوا (إليها ) كلّ العناية" 1 والقديم من حيث إنّ الباعث على هذا العلم عند العرب المسلمين هو الحاجة الشرعية التي دفعت بعلماء أصول الحديث والجرح والتعديل إلى وضع قواعد دقيقة وصارمة بغرض توصيل الحديث النبوي الشريف إلى الأمة الإسلامية خاليا من الشوائب، فكان أن أثمر هذا الجهد الضارب في القدم قواعد يتبعها المحقق في التثبت من صحة النّص وتحقيق رواياته وجمع النسخ والمقابلة بينها وتعيين طرق التصحيح، فكانت قواعد قيّمة في تحقيق المخطوطات، استفاد منها الغرب في تحقيق النصوص اليونانية واللاتنية ، وبما أنّ المخطوط هو السبيل الوحيد للحفاظ على ما أنتجته عصارة أفكار العقل العربي الإسلامي، كان للمحقق - الذي تتمحور مهمته على وجه العموم في "إخراج النص المحققِ على وفق ما حرّره صاحبه، أو إثبات النص على صورة أقرب ما تكون إلى حقيقته وأصله" 3- مسؤولية أكبر من مسؤولية الباحث الذي يجد النصّ جاهزا فينطلق منه لتقرير الكثير من الحقائق، وكان تراث الأمة العربية الإسلامية جزءا أصيلا من كيان وجودها، وخزانتها العلمية وسرّ حضارتها، حتى قال الجاحظ في هذا المقام: "يذهب الحكيم وتبقى كتبه، ويذهب العقل ويبقى أثره، ولولا ما أودعت لنا الأوائل من كتبها، وخلّدت من عجيب حكمتها ودوّنت من أنواع سيرها، حتى شاهدنا بها ما غاب، وفتحنا بها كل مستغلق، فجمعنا قليلنا إلى كثيرهم، وأدركنا ما لم ندركه إلا بهم لما حسن حظنا من الحكمة"، وهذه الحاجة تفرض على المحقق التزام منهاج علميّ دقيق ، فكثر مما خرج إلينا في عصرنا الحاضر على أنّه محقّق يحتاج إلى وقفة تقويم وتصحيح، فالقوس لما تعطى لغير باريها يظهر القصور والخروج عن المنهج العلمي القويم، مرّة استخفافا لم - عن جهل وعصبية ضده -بالمنهج الذي اتبعه المستشرقون في تحقيق التراث العربي، ومرّة أخرى تجرُأَ جاهل بما يتطلبه المقام من قدرة،واستعداد، وتمرس، ودراية 1، فكان اختلاف الطرق سمة بارزة في التحقيق العربي.

الكلمات المفتاحية

احياء التراث، المخطوط، الحضارة، الجهد، النسخ.