افاق فكرية
Volume 4, Numéro 2, Pages 31-77
2016-10-12

صورة الجزائر في القرن 19 من خلال المصادر التونسية " إتحاف أهل الزَّمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان " و " صفوة الإعتبار بمستودع الأمصار و الأقطار " نموذجا

الكاتب : محمد صلاح حقي .

الملخص

لا يعتبر تناول تاريخ الجزائر في الفترة الحديثة أمرا جديدا لأن المؤرخين و الكتاب الجزائريين تطرقوا إلى ذلك بإطناب كبير غير أنهم ركزوا على التاريخ السياسي لبلدهم من خلال المصادر الجزائرية و حتى الغربية في محاولة منهم – على ما يبدو – إنقاذ تاريخهم الذي حاول الاستعمار طمسه و أهملوا تاريخ الجزائر في عيون المؤرخين التونسيين لاسيما أحمد إبن أبي الضياف ( 1802-1874 م ) و محمد بيرم الخامس ( 1840-1989 م / 1255 ه -1307 ه ) اللذان تناولا تاريخ هذا البلد بنظرتين مختلفتين و لكنهما مكملتان لبضهما البعض فالحديث عن الرجلين تفرضه قواسم مشتركة ذلك أنهما من مؤرخي القرن التاسع عشر ، كما يشتركان في الانتماء الجغرافي ( تونس ) ، ثم – وهو الأهم – تعرضهما لصورة الجزائر بطريقتين مختلفتين و من مواقع و ظروف معينة لم يكن أحدهما فيها صاحب قرار إذ أن صاحب الإتحاف مثلا تناول الجزائر من موقعه كرجل سياسة في البلاط فكأني بها فرضتها أحداث تلك الفترة و بيرم هو الآخر فرض عليه الحديث عن الجزائر من طرف مرضه حيث أن " مصيبته " هي التي ألقت بالجزائر في طريقه لما كان مسافرا إلى فرنسا للتداوي فلم يفوت فرصة وصفها. خصص " الإتحاف" جزءا كبيرا للحديث على الجزائر في علاقتها بتونس و لكن في المجال السياسي – العسكري و خاصة في علاقتها مع تونس والباب العالي فقط مهملا بذلك بقية الجوانب و مردّ هذا الأمر أن الرجل كان يشتغل في خطة وزير لدى البايات التونسيين آنذاك و كان يكتب من خلال التقارير الرسمية فتكون بذلك رؤيته للجزائر غير مكتملة و قد يكون تناوله للأحداث مثيرا للجدل و ربما للاتهام فلا أظن أن الرجل وهو يشتغل لدى البايات قادر على انتقاد ايالة تونس و تحميلها المسؤولية فيما حدث مثلا من توتر بينها و بين ايالة الجزائر لذلك نراه يحمل هذه الأخيرة مسؤولية توتر العلاقات مع تونس فصاحب الإتحاف كتب إذن التاريخ السياسي والعسكري الجزائري من خلال ما توفر له من تقارير رسمية فهو لم يزر الايالة و بالتالي لم يكن شاهد عيان ، أما "محمد بيرم الخامس" فقد زارها و تجول بين أزقتها و أنهجها و تحدث إلى أهلها فكتب لنا تاريخ هذا البلد الاقتصادي و الاجتماعي و حتى الديني رغم أن الديني هو جزء من الإجتماعي و الفني و كل الجوانب تقريبا باستثناء العسكري و السياسي الذي جاء الحديث عنه مقتضبا فكان بذلك شاهد عيان و لم يشغل خطة سياسية يمكن أن تعيقه عن كتابة تاريخ الجزائر لذلك كانت شهادته أكثر دقة و تحررا من إبن أبي الضياف فنحن إذن أمام رؤيتين رؤية محمد بيرم الخامس و رؤية ابن أبي الضياف واحدة تكمل الأخرى لتكتمل صورة الجزائر بالجمع بين المؤلفين .قبل التطرق إلى صورة الجزائر لابد من التعريف بالرجلين و الأثرين و ذلك لضرورة منهجية .

الكلمات المفتاحية

أحمد إبن أبي الضياف ،محمد بيرم الخامس ، تاريخ الجزائر، إتحاف أهل الزَّمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان، صفوة الإعتبار بمستودع الأمصار و الأقطار .