مجلة الحكمة للدراسات الاجتماعية
Volume 2, Numéro 2, Pages 59-67
2014-03-01

أين الحكمة في هذا العصـــــر ؟

الكاتب : عمار طالبي .

الملخص

شهد القرن الماضي حربين كونيتين، كما شهد تقدما هائلا في العلم والتقنية لم يسبق له نظير، تحققت فيه آمال واسعة، وأخفقت أخرى، كما شهد ويشهد قرننا هذا كوارث بيئية ورعبا من تطبيقات العلم، وعظم عدد السكان في العالم، ونمو الثروات، وأخذ الناس يتغنون بالديمقراطية، ويسلمون بنجاعتها، كما ظلت نظم كثيرة تثبّت الطغيان، وتقهر الإنسان، بجانب الرفاهية والغنى والليبرالية، تآكلت القيم والتقاليد، والاعتقادات، وساد في الآداب والفنون لون من اللايقين والعدمية، واختفاء المعنى، فأصبح الكلام لا يحمل معنى يمكن الإمساك به، والاطمئنان إليه، وأصبحت اللغة عالما يسجن فيه الإنسان ويموت، ففي هذا التذبذب والتناقض، وقتل القيم، واغتيال العقل، وقهر المستضعفين، والعدوان على الثقافات الهشة ماذا يمكن أن يكون حكمة، أو مثالا، أو معنى ؟ عاش القرن الماضي الفاشستية، والنازية، والاستعمار، والماركسية، والرأسمالية، وثورات المستعبدين، وصراعا مريرا باردا أو حارا بين قطبين، وبناء جدار برلين، ثم اختفى القطب الثاني، وذهب غبارا في التاريخ، وظن الآخر أن التاريخ قد انتهى، وأن الرأسمالية أضحت أبدية، وذهب آخرون إلى أن صراع الحضارات وإيقاد نارها أمر حتمي، ولابد من صنع عدو جديد يصارعونه حضاريا للقضاء عليه حتى لا تقوم له قائمة، ولا يرى نورا وهو العالم الإسلامي والصيني، فاشتعلت حروب باسم الإرهاب، ودمرت العراق، وما تزال فلسطين تدمر وتقهر، وتذبح فيها الأطفال، وتشن على أفغانستان نيران تنال الأبرياء في ديارهم، تجنّد لها الحلف الأطلسي ليساعد الولايات المتحدة على قهر الشعوب، فهل في هذا السبيل كله من حكمة، وماذا تستطيع أن تقدم، فهل تقوى على أن تهيئ للناس سفينة يمتطونها ليتخذوا لهم سبيلا بين أمواج هذا البحر المتلاطم الأمواج، أم أنها تغيب أضواؤها وأشرعتها، ومحركاتها لتدع هؤلاء الناس تتجاذبهم الأمواج حيث اتجهت ساروا، لا حيلة لهم في قيادة السفينة ولا قوة ؟

الكلمات المفتاحية

الحكمة، العصر...