اللّغة العربية
Volume 9, Numéro 2, Pages 191-208
2007-10-01

أحمد شوقي ولامارتين (lamartine)

الكاتب : عبد المجيد حنون .

الملخص

يذهب العلماء والمفكرون مذاهب شتى في التمييز بين الإنسان وبقية الكائنات الحية، انطلاقا من وجهات نظر معرفية قوامها تخصص كل واحد منهم، إلا أنها تنطلق في مجملها من تميز الإنسان بالعقل، وما ينتج عنه من تصرفات وسلوكات، تطورت مع مرور الزمن، حتى تبلورت في قدرات مهارات ومعارف وأفكار وعلوم، راح كل فريق يزعم أن ميدانه العلمي هو أعظم ابتكار توصل إليه العقل البشري، معتمدين في ذلك على ما جاء به ذلك الابتكار من معلومات ومعارف، وعلى أثره أو آثاره في تطور حياة الإنسان، كالفلسفة قديما أو الطب والتكنولوجيا بمختلف تفرعاتها حديثا أو التكنولوجيا الإعلامية والرقمية اليوم. ولا يماري أحد في أهمية العلوم السابقة الذكر أو غيرها، وما نتج عنها جمعاء من ابتكارات واختراعات قد يبدو البعض منها -اليوم- بسيطا، كالإبرة مثلا، إلا أنها عادت بالخير الكثير على الإنسان، وساعدته في مجابهة ظروف الحياة، غير أن تلك المعارف والعلوم والابتكارات ما كان لها أن تكون لولا اعتمادها على أعظم إنجاز معرفي جاء به الإنسان في مختلف أنحاء المعمورة، وهو اللغة التي كانت ومازالت وسيلة أي تواصل أو تفكير ووعائهما، ووسيلة أهم فن في حياة الإنسان، يعبر فيه عن أفراحه وأتراحه، ويصور فيه طموحاته وآماله البسيطة جدا والعظيمة جدا، والمقصود بذلك الفن بطبيعة الحال فن الكلم أو فن الأدب، كما هو متعارف عليه في كثير من الثقافات. لقد مارس الإنسان، منذ أقدم العصور، فن الأدب في أشكال متنوعة تماشيا مع خصائص كل لغة ومحمولاتها الثقافية، ومع البيئة التي يصدر عنها أو يصدر إليها، فمال البعض إلى أدب الحكمة كالهنود، ومال آخرون إلى الأدب التمثيلي كالإغريق، ومال غيرهم إلى الأدب الغنائي كالعرب، كل عبر بما يناسبه، ويتماشي مع نمط حياته. وعلى الرغم من الاختلاف في المضامين، إلا أن فن الأدب ارتبط في عمومه بالشكل الشعري عند الكثير من الأمم، الأمر الذي جعل الشعراء مثار اهتمام وتقدير، لأنهم يرون مالا يراه الآخرون، ويسمعون ما لا يسمعه غيرهم، ويقولون ما لا يقوله أحد: إنهم يصنعون بالكلام السعادة أو الشقاء، البهجة أو الغضب. وبذلك حظي الشعراء باهتمام الناس وتقديرهم، وتفاخرت الأقوام والأمم بشعرائها قديما وحديثا، وأطلقت عليهم ألقابا شتى، وأقامت لهم النصب والاحتفالات، كما هو الشأن اليوم في الاحتفال بشاعرين يمثل كل واحد منهما معلما شعريا عند أمته، هما بطبيعة الحال شاعر فرنسا العظيم ألفونس دو لامارتين (Alphonse De Lamartine)، وشاعر العرب الأمير أحمد شوقي، اللذين ينتميان إلى ثقافتين مختلفتين، وإلى موروثين وذوقين أدبيين متباينين. ورغم ذلك الاختلاف والتباين، إلا أن نقاط تقاطع عديدة تجمع بينهما، سنشير إلى البعض منها، من خلال سيرة الرجلين ونتاجهما الشعري، علها تكون محل دراسات أدبية مقارنة دقيقة وعميقة، يقوم بها باحثون ومختصون لتوضيح العلائق الشعرية التي تربط بين الرجلين، وتفسر جوانب من عبقريتهما.

الكلمات المفتاحية

أحمد شوقي؛ لامارتين؛ التطور؛ العلوم