مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية
Volume 4, Numéro 3, Pages 216-234
2015-09-01

التحكيم كطريق بديل لحلّ النزاع في مجال الصفقات العمومية

الكاتب : مليكة موساوي .

الملخص

تؤدي الصفقات العمومية دورا أساسيا في تحقيق التنمية الوطنية، باعتبارها الأداة الضرورية لإنفاق المال العام في سبيل تنفيذ مشاريع الاستثمارات العمومية، ويقتضي ذلك إبرام هذه الصفقات وتنفيذها حسب المخططات الموجودة في البرامج التنموية المعدة سلفا وفي الآجال المحددة لذلك. غير أنه، قد تثور في مرحلة إبرام الصفقة العمومية أو في مرحلة تنفيذها نزاعات تعرقل أو تحول دون التوفيق في إبرامها أو إتمام تنفيذها، وهذا ما ينعكس سلبا على نجاح المشاريع العمومية وما يسفر عنه من تعطيل برامج الاستثمار وإيقاف عجلة التنمية. من أجل تفادي ذلك استوجب الأمر إيجاد آليات لإزالة هذه العراقيل والمعوِّقات عن طريق تسوية النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية في أقرب الآجال، لضمان استمرارية تنفيذ المشاريع ومواصلة درب النمو. وفي هذا الصدد، خصّص المشرع الجزائري في المرسوم الرئاسي رقم: 10-236، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، المعدل والمتمم(1)، قسم فرعي جاء تحت عنوان "تسوية النزاعات" تضمن مادتين فقط هما المادة 114 والمادة 115، بيّن من خلالهما الوسائل الودية لتسوية النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية الناجمة في مرحلة الإبرام أو تلك التي تحدث في مرحلة التنفيذ، وفي حالة الفشل في الوصول إلى الهدف، نصت المادتان على إمكانية اللجوء للتشريع المعمول به. يقصد بالتشريع المعمول به، الشريعة العامة لتسوية جميع النزاعات، وتتمثل في قانون الإجراءات المدنية والإدارية(2)، الذي يبيِّن إجراءات تسوية النزاع قضائيا كما ينص على وسائل بديلة لحل هذا النزاع دون اللجوء إلى القضاء، أطلق عليها المشرع تسمية" الطرق البديلة لحل النزاعات" وهي: الصلح، الوساطة، والتحكيم. يعتبر التحكيم من أهم الطرق البديلة لحل النزاعات، وقد نص عليه المشرع الجزائري في موقعين من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، يتجلى الموقع الأول في المواد975 -976 -977 وهو يتعلق بالتحكيم في القضايا الإدارية، في حين يتجلى الموقع الثاني في المواد: من المادة 1006 إلى غاية المادة1061 ، ويتعلق بالتحكيم في جميع النزاعات، حيث جاءت هذه النصوص متأثرة بالقانون الفرنسي والقانون السويسري(3) وشملت أحكامها التحكيم الداخلي والتحكيم التجاري الدولي. إذا كان التحكيم وسيلة من الوسائل البديلة التي استحدثها المشرع في قانون الإجراءات المدنية والإدارية وأقرّها صراحة لحل النزاعات المتعلقة بالصفقات العمومية، فإنّ الإشكالية التي نطرحها في هذا السياق: ما هو مفهوم التحكيم في مجال الصفقات العمومية، وما هو نطاقه، ما هو الدور الذي يلعبه في تسوية النزاعات الناجمة عن الصفقات العمومية داخلية كانت أو دولية؟ ما مدى ملاءمته وما مدى فعّاليته؟ ومن أجل معرفة ذلك، لابد من التطرق إلى النظام القانوني للتحكيم (مبحث أول) ثم إلى دوره في تسوية نزاعات الصفقات العمومية (مبحث ثاني)، وفي تفصيل ذلك نقترح الخطة الموالية:

الكلمات المفتاحية

التحكيم، الصفقات العمومية.