مجلة الخلدونية
Volume 6, Numéro 1, Pages 425-456
2013-09-01

الانحراف؛ فردانية السلوك واجتماعية رد الفعل

الكاتب : كريمة عجرود .

الملخص

تؤكد الأبحاث والدراسات في مختلف العلوم الإنسانية أن رد الفعل اتجاه السلوكيات الانحرافية يرتبط بثقافة المجتمع، ويتفاعل مع مجموعة من المتغيرات السوسيو ثقافية، كالمعتقدات، والقيم، ونظم الضبط الاجتماعي، والتقييم الاجتماعي، والثقافة العامة، أو العموميات الثقافية، والثقافات الفرعية، كما يرتبط بنظم التربية، والأسرة، والسياسة، وعادات المجتمع وتقاليده، كما يرتبط بجملة من المتغيرات الاجتماعية من واقع المجتمع الحضرية منها أو الريفية، مما أدى بالرد الفعل الاجتماعي إزاء السلوك المنحرف يتسم بالنسبية والتاريخية والتغير على طول مسيرة تطور المجتمعات، سواء القديمة منها أو المعاصرة، وقد كشفت هذه الدراسات وجود اختلاف واضح لدى كثير من المجتمعات حول الرد فعل الاجتماعي بالنظر إلى نوعية السلوك المرتكب، ومدى تأثيره على الفرد والمجتمع، ومن حيث المانع أو الرادع الذي يحول دون وقوع هذا الفعل، وهذا على مر الأزمنة والتاريخ، حتى داخل المجتمع الواحد، وهذا إن دل إنما يدل على اختلاف وتنوع السياسات الاجتماعية الضابطة للفعل المنحرف، واختلاف نوعية رد الفعل إزاء السلوك المنحرف ذاته، فمثلا بعض المجتمعات تطبق ردود أفعال عقابية، وأخرى تحاول النظر إلى الفعل المنحرف على أنه ظاهرة يمكن علاجها والحد منها، وبالتالي ضرورة التعامل مع المنحرف بطرق إصلاحية وعلاجية. هذا وقد شهدت في العقود الأخيرة الكثير من التطورات في شتى مجالات البحوث الجنائية والاجتماعية التي تبحث في العقوبة وآليات تطبيقها في الوسط الاجتماعي، فبعد ان كان منذ القديم يرتبط مفهوم العقوبة بشكل عام بالعقوبات السالبة، لدرجة أن من يذكر العقوبة في نطق أي حكم يصدر من القاضي إلا ويتبادر إلى ذهنه صورة السجن والسجن، وفي هذا كثرت الدراسات والأبحاث التي تناولت عقوبة السجن وتطورها، والتي اكدت على وجود قصور في دور السجون كمؤسسات وظيفتها بالدرجة الاولى إعادة تربية وإصلاح الجناة، بالنظر الى رسالتها الإصلاحية، كما أكدت بعض الدراسات ضعف في مستوى برامج التأهيل والإصلاح نتيجة عدم تحقيقها الأهداف المرجوة من وجودها، وهي إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين، وجعلهم أفراد اسوياء داخل المجتمع. وفي ظل هذا الشك في جدوى وجود السجون ومدى قدرتها على أداء رسالتها ظهرت آراء تنادي بضرورة إعادة النظر في الدور والقيمة الاجتماعية لهذه المؤسسات، مما يعني سعي البعض إلى إيجاد بدائل لهاته المؤسسات قد تعوض عقوبة سلب الحرية، وتحقق الغرض من العقوبة وهو إصلاح الجناة وتخليصهم من النزعة العدوانية اتجاه المجتمع، وعدم العودة إلي السلوك المنحرف من جديد، وفي هذا جاءت الدراسة الحالية لحاول من خلالها بحول الله بحث الغاية من وجود السجون، والهدف من إيداع المحكوم عليهم بهاته المؤسسات، هل هو بدافع عقاب الجناة، أم لغاية إصلاحية.

الكلمات المفتاحية

الانحراف