مجلة البدر
Volume 11, Numéro 2, Pages 222-235
2018-03-23

حكم الوصية في التصرف بالأعضاء البشرية

الكاتب : خواثرة سامية .

الملخص

ملخص : يجوز لضرورة تقتضيها المحافظة على حياة الإنسان أو علاجه أن يستفيد من عضو من جسم إنسان آخر سواء حيا كان أو ميتا، وقد تكون المسألة معقدة في كلتا الحالتين إلا أن الاقتطاع من متوفى يظهر أنه الأكثر تعقيدا، لان التعبير حال الحياة يكون من الشخص نفسه أما المتوفى فاختلفت الآراء حول طبيعة التصرف واتجهت إلى الوصية، التي أجازها بعض من فقهاء الشريعة الإسلامية لما فيها حفظ لحياة شخص حي محتاج للعضو، غير أن البعض الآخر رفض ذلك بحكم عدم تملك الإنسان لجسده حيا فكيف يتصرف فيه وهو ميت، وقدم كل من الرأيين حججه وأسانيده المقنعة. وسايرت معظم التشريعات العربية الرأي الفقهي الذي يجيز الانتزاع من جثة المتوفى وعبرت عنه بالوصية في مجال نقل وزرع الأعضاء، وسنت مجموعة من الشروط نلخصها في حالة الضرورة وتحقق واقعة الموت، بالإضافة للشروط العامة والمتمثلة في موافقة الموصي السابقة على الوفاة والتي تشترط بدورها البلوغ والعقل، فلا تصح الوصية إلا إذا صدرت من شخص بالغ عاقل مدرك لتصرفاته، بمعنى أن يكون ذا أهلية كاملة، كما أن بعض التشريعات تجيز للولي الايصاء بجثة القاصر، شرط أن لا يكون كلا من كامل الأهلية والقاصر قد عبرا سلفا عن رفضهما الاستقطاع من جثثهما بعد الوفاة، كما يجب أن تصدر عن إرادة حرة غير معيبة بعيب من عيوب الإرادة، كالإكراه مثلا أو الضغوط سواء كانت مادية أو ضغوط أدبية. وقد اختلفت التشريعات الوضعية في شكل التعبير عن إرادة المتوفى، فهناك من اشترط إفراغ هذا التعبير في شكل رسمي أمام الموثق بحضور شاهدين وبصورة علنية وتشهر لدى مصلحة الشهر، ومنها من اكتفى بوثيقة عادية بصورة سرية مغلقة وتحمل ختم الموصي وتسلم للموثق أو الكتابة العرفية التي تتم بخط اليد ويتم توقيعها من طرف الموصي،أو بمجرد التعبير الشفهي أمام شاهدين، ومنهم من أوجد وسيلة سريعة وعملية لهذا النوع من التصرف، فظهر ما يسمى بطاقات التبرع وهي الوثيقة الاثباتية للإرادة المسبقة للشخص المتوفى سواء بقبول أو رفض الاستئصال من جثته. وبالنسبة للمشرع الجزائري لم يطلق على التصرف بالأعضاء البشرية بعد الوفاة بالوصية وإنما أطلق عليه بالقبول وذلك من خلال تسجيل الشخص نفسه في القائمة الوطنية المحددة لهذا الغرض، كما أنه إذا عبر الشخص عن رفضه لانتزاع أعضائه تحترم إرادته ولا يجور المساس بجثته، أما في حال تعذر عليه إصدار القبول حال حياته تنتقل الموافقة للأسرة حسب الترتيب الذي نص عليه في المادة 164 من القانون المتعلق بحماية الصحة وترقيتها، واستثنى من الموافقة الانتزاع المتعلق بالقرنية والكلية إذا تعذر الحصول على موافقة الأسرة أو الممثلين الشرعيين. كما اشترط المشرع الجزائري إلى جانب ذلك تحقق واقعة الوفاة مثبتة من لجنة طبية مختصة وحالة الضرورة العلاجية أو التشخيصية للانتزاع، وهذا يؤكد على حرصه على عدم العبث بجثة المتوفى، لأن جسد الإنسان مقدس وله حرمته وكرامته التي يتمتع بها في حياته وتظل حتى بعد وفاته، لأن الله سبحانه تعالى هو من أحسن تقويمه، ونتيجة ذلك لا يجوز المساس بها، وأكثر من ذلك العمل على سلامتها، بكل الطرق والأساليب ولعل القانون هو خير وسيلة تضمن ذلك فعلى المشرع مراجعة نصوصه التشريعية من أجل تحقيق ذلك.

الكلمات المفتاحية

الوصية، انتزاع الأعضاء البشرية، شروط الانتزاع،