مجلة الدراسات التاريخية
Volume 24, Numéro 2, Pages 347-374
2023-03-09

المناطق الغابية والجبلية من خلال " كتاب بحرية " للجغرافي والبحار التركي ﭘيري رئيس

الكاتب : كوكجن قالقان .

الملخص

لقد درجت الدراسات المتعلقة بتاريخ العالم العربي بمشرقه ومغربه، أن تستعين بنوعين من المصادر: مصادر محلية من أرشيف ومخطوطات وكتب وآثار، ونحوها مما هو مكتوب باللغة العربية، ومصادر أجنبية، غالبا ما تكون إنجليزية أو فرنسية. وبسبب هذه الازدواجية لا يسع الباحث إلى أن يكون أسيرا للنتائج التي هاتان القراءتان، بلونيها المحلي المصطبغ بصبغة الاتهام والتهجم؛ والأجنبي المتّسم بسمة الدفاع والتبرير. إلا أن الحقائق التاريخية كثيرا ما تتلاشى في معرض التجاذب القائم بينهما. فيكون من الضروري البحث عن مصادر أخرى تساهم في تسليط الضوء على الحقائق من زاوية أخرى، أملا في الوصول إلى استنتاج أكثر موضوعية، أو أقل تحيزا. وفي هذا الإطار تأتي أهمية المصادر التركية المعنية بدراسة تاريخ العالم العربي خلال المرحلة الحديثة والمعاصرة. وذلك بالنظر إلى كون العالم العربي خلال الفترة الحديثة كان من تاريخه كان جزءا من العالم العثماني الممتد من حدود روسيا شرقا حتى الجزائر غربا، ومن شبه جزيرة القرم شمالا حتى المحيط الهندي جنوبا. وذلك على مدى زمني لا يقل عن ثلاثة قرون بالنسبة لدول المغرب العربي، وأربعة قرون بالنسبة لدول المشرق العربي. وبصرف النظر عن مدى أهمية تلك المصادر في تسليط الضوء على الجوانب الخفية أو الباهتة من تاريخنا، إلا أنها ـ بلا ريب ـ تمثل بعدا ثالثا يساهم بشكل أكيد في دفع الباحث إلى النظر إلى التاريخ من زاوية غير زاوية المحلي والأجنبي. وفي هذا السياق تأتي أهمية المصدر الذي نحاول التعريف به وبمؤلفه. ونعني به الكتاب الموسوم بـ: " كتاب بحرية " للبحار والجغرافي التركي: بيري رئيس إبن أخت كمال رئيس قائد الأسطول العثماني الذي أرسله السلطان العثماني لنجدة مسلمي غرناطة عقب سقوطها سنة 1492. فقد رافق مؤلف الكتاب خاله كمال رئيس في حملاته على الأندلس، وقام برسم خرائط مفصلة لسواحل البحر المتوسط بجبالها وسهولها وغاباتها. ووصف بشكل دقيق المجتمعات المطلة على هذه السواحل، موردا معلومات في غاية الدقة والأهمية. وحينما فرغ من تأليفه قام بإهدائه إلى السلطان سليمان القانوني. ونظرا لأهمية هذا الكتاب في موضوعه وجدّته، تمت ترجمته إلى العددي من اللغات الأجنبية؛ ونظمت حوله العديد من الملتقيات والأيام الدراسية، بينما لم تتم ترجمته إلى العربية أو الاستفادة منه بشكل يتناسب مع أهميته حتى اليوم للأسف الشديد. وهذه المداخلة تهدف إلى التعريف بهذا المصدر في دراسة تاريخ المناطق الغابية والجبلية لبلدان المغرب العربي الحديث عامة، والبلدان المتوسطية في نهاية القرن 15 وبداية القرن 16 الميلادي. وذلك بغية لفت نظر الباحثين إلى مدى أهميته وأهمية نظائره من المصادر التركية القيمة في الدراسات التاريخية والجغرافيا التاريخية الخاصة بالمنطقة.

الكلمات المفتاحية

الجزائر، المناطق الساحلية، الغابات، الجبال، المصادر