مجلة الحضارة الإسلامية
Volume 12, Numéro 1, Pages 35-72
2011-03-27

فقه الحوار وأهميته في تواصل أفراد الأقليات الإسلامية مع غيرهم بما يحفظ لهم هويتهم وثقافتهم الإسلامية

الكاتب : عبد القادر أحمد سليماني .

الملخص

لا شكّ معينة، بل لكي تبلغ رسالة الإسلام إلى كافة الناس جميعا، ويعمّ بذلك السِّلم والسَّلام بين الأفراد والجماعات والأمم، في الزمان والمكان، ويتحقّق بينهم التعايش السِّلمي، بضوابطه الشرعية. أن الحوار، بفقهه وضوابطه وقواعد مطلب ملحّ لتوضيح الصورة الحقيقية والصحيحة لرسالة الإسلام، والتعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإبراز شمائله، ونصرته، فهو وسيلة من وسائل دعوة أهل الأديان عموماً, وأهل الكتاب خصوصا إلى الإسلام، لقوله تعالى:﴿ اللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ... ﴾ [يونس:25]؛ والمسلمون هم أقوى الناس حجّة وبياناً, لأن دينهم دين رباني، وهو الدين الحق، وموافق لفطرة الإنسان، ووقائع السيرة النبوية العطرة تشهد أن مبدأ الحوار الذي طبّقه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في دعوته إلى الإسلام، يعتبر ثقافة استراتيجية، لتكون همزة وصل بين الشعوب والأمم والحضارات، ولم تكن إجراءات مرحلية، أو تخطيطا وقتيا لتفادي مشكلات معيّنة. ولا شكّ أن تاريخ الإسلام يشهد على الحقائق التاريخية التي ثبت أن الأقليات غير الإسلامية كانت لها مكانتها المتميزة في المجتمع الاسلامي، بحيث كانوا يتمتعون بكامل الحقوق والامتيازات، وفي مقدمتها حرية الاعتقاد، وممارسة الشعائر الدينية، التي كانت مكفولة لكل فصائل المجتمع، بدون مضايقات ولا استفزازات، عكس تماما ما نراه الآن في واقعنا المعاصر، فإن هناك جملة من التحديات والمشاكل، التي تواجه الأقليات الإسلامية أفرادا وجماعات، في المجتمعات الغربية، تتعلّق بالاضطهاد، والتمييز العنصري، والتضييق، والاستفزاز، وظهر هذا واضحا بعد [غزو العراق وأفغانستان]حادث 11سبتمبر2011، وحادثة صحيفة "شارلي هبدو" الفرنسية، وما ترتب عن العملية الإرهابية التي حدثت يوم 13 نوفمبر 2015م، في باريس بفرنسا؛ فقد استغلّت الأطراف الدينية اليمينية والمتطرّفة المعادية للإسلام والمسلمين هذه الأحداث لبعث ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمعات الغربية، محدثة بذلك تشويشا على مبادئ الإسلام التي تدعو إلى الرحمة والمحبّة، والسلم والسلام، والأمن والأمان. ولا شكّ أن الحوار الذي طبّقه النبي صلى الله علبيه وسلم مع الأقليات الدينية، اليهود والنصارى، لجدير بتطبيقه بفقهه وضوابطه، من طرف أفراد الأقليات الاسلامية، مع المجتمعات الغربية، فهو السبيل الأقوم لتقوية العلاقات مع الآخر بما يعزّز التواصل الحضاري مع غيرهم، ويحفظ سلامة هوية المسلمين، بمكوناتها العقدية والأخلاقية والثقافية، وخدمة للدعوة إلى الله عزّ وجلّ، ونشر المنهج الصحيح للإسلام في إطار التعايش السلمي، والعيش المشترك. والحوار، الذي ينبغي تفعيله من خلال مختلف المؤسسات الإسلامية خارج العالم الإسلامي، كالمساجد والمراكز الإسلامية والجمعيات الخيرية، يهدف في حقيقة الأمر إلى التعارف والتواصل بين أهل الأديان، فيما يتعلق بالمعيشة البحتة التي تفرضها طبيعة الحياة البشرية وحاجاتها الفطرية، لا غير، وممّا لا شكّ فيه أن من فقه الحوار، الدعوة إلى الوسطية والاعتدال، وهذا يتطلّب من الأقليات الإسلامية الاقتداء بالسلف الصالح في شمول فهمهم واعتدال منهجهم وسلامة سلوكهم من الإفراط والتفريط، والتحذير من الإنزلاقات، والتأكيد على النظرة المعتدلة والمنصفة، والموقف المتزن؛ ومقاومة الغلو والتطرف في الدين، وردّ الغلاة إلى منهج الاعتدال والحكمة، بالحوار، والنصح والمناصحة؛ والعلم عند الله .

الكلمات المفتاحية

الحوار، السلوك، الأقليات، الثقافة الإسلامية، المسلم