التراث
Volume 6, Numéro 2, Pages 158-168
2016-06-15

قضايا تراثية في الفكر الاستشراقي

الكاتب : نسرین لطيفة ميم .

الملخص

لا أحد ينكر تلك الجهود التي بذلها ويبذلها المستشرقون في خدمة اللغة العربية وتراثها وتاريخها العظيم، كيف لأحد أن ينكر تلك الجهود وهذه آثارها تملأ خزائن المكتبات في العالم؟! فالمستشرقون هم الذين نبشوا کنوز تراثنا و کشفوا الغطاء عن مخطوطات آدابنا وعلومنا ونشروا أكثر ما تركته ثقافتنا وحضارتنا التي كانت في مرحلة تاريخية ممتدة من مسيرتها الغنية و المتفوقة على غيرها من ثقافات الأمم الأخرى وحضارها. كما أن المستشرقين أغنوا التراث بعامة والأدبي منه بخاصة ، فخدموه بحثا مضنيا و تحقيقا علميا صارما ، ودرسا منهجيا وافيا ، ثم إنهم سعوا ونجحوا في إيجاد موسوعات ومعاجم تضم الناجح من أعمال الأجداد الأفذاذ، إضافة إلى تنشئتهم جيلا واعيا ونشيطا ومخلصا من العلماء العرب المدربين الذين نجوا جهم وطبقوا مناهجهم في الكشف والتحقيق والبحث والدرس، لكن عملهم العظيم هذا لم يمنع من أن ينظر إليه بشيء من الريبة والشك حينا والامام والإدانة حينا ولا يغيب عن الصورة هنا كتب و مقالات متعددة تحت هذا النحو كمقال أنور عبد الملك: "الاستشراق في أزمة الذي نشر في مجلة (Diogen ديوجين عام 1963 بالفرنسية، ثم نشر مترجما إلى العربية في محلة الفكر العربي عام 1983، ص (70–103). والذي عدد فيه نواقص الاستشراق وسلبياته حيث ربطه منذ تأسيسه بالأطماع السياسية والاستعمارية الأوربية فقال: " غير أن من المفيد أن نشير إلى الازدهار الحقيقي للدراسات الشرقية في القطاعين الرئيسيين اللذين هما العالم العربي والشرق الأقصى يعود تاريخية بالدرجة الأولى إلى عصر التمركز الاستعماري ، وبشكل خاص إلى السيطرة الأوربية على القارات المنسية (في أواسط القرن التاسع عشر ، ثم في ثلته الأخير) فكانت الموجة الأولى تتصف بإيجاد الجمعيات الاستشراقية ( الجمعية الملكية الآسيوية ، لندن 1834، ثم الجمعية الآسيوية ، باريس 1822...الخ) أما المرحلة الثانية فشهدت ظهور مؤتمرات المستشرقين التي انعقد أولها في باريس عام 1873، وكان عدد المؤتمرات التي عقدت حتى حرب 1918 - 1914 ستة عشر مؤتمرا". وقد أثارت هذه المقالة بعض المستشرقين أمثال "فرانسيسكو غایبریلی" و "کلود کاهين" وغيرهما : أما "غابیریلی" فلم يذكر سلبية الاستشراق في صورة ما ولكنه شدد على الجانب الإيجابي منه في صورة أخرى ، قال : "صحيح انه وجد بعض المستشرقين كعلماء لهذا الاستشراق، وكأدوات له ... ولكن عددا لا بأس به من كبار المستشرقين عرفوا كيف يميزون بين اهتماماتهم العلمية وبين الأهداف والغايات السياسية لبلدانهم حيث وجدت أو إذا وجدت، بل إنهم وقفوا ضد هذه الأهداف في بعض الأحيان". ولكن رد "كاهين" جاء انفعاليا إذ ردد نعمة التفوق المعرفي والمنهجي للمستشرقين الأوربيين، والتباهي بفضلهم على المسلمين في تعريفهم بتراثهم وتاريخهم حيث قال :"أي أفهم تماما إحساسهم (أي المسلمين أحيانا ببعض أنزعاج لتطفلنا على مجال دراستهم فهم يشعرون بأهم أولى من غيرهم ، ولكن ينبغي أن يعرفوا أيضا أن الاستشراق الأوربي هو الذي أخذ المبادرة في العصور الحديثة لدراسة تاريخهم الخاص.

الكلمات المفتاحية

التاريخ، الدراسة، المستشرقين، الخطاب، الفكر.