مقاليد
Volume 1, Numéro 2, Pages 225-231
2011-12-31

المنهج النقدي بين الصرامة العلمية والحمولة الإيديولوجية

الكاتب : نورة بعيو .

الملخص

لقد بات من الواضح أنّ الثقافة والمثقف العربي يقفان اليوم أمام تحديات جديدة وحتمية لا جدال فيها، فرضها التوجه العولمي الذي ما انفك يُسهم مساهمة رئيسة في صناعة الرأي العام العالمي، واتخاذ القرارات المصيرية لصالح دول على حساب دول أخرى مغلوبة على أمرها، لذلك يجب البحث عن أنجع وسيلة تمكن هذه الدول – المجتمعات من مواجهة هذا المشروع وخطورته على أكثر من صعيد، لاسيما وأن فعل التواصل اليوم أضحى متطورا جدا، بحكم ما استحدث في قنواته من وسائط الاتصال المكتوبة والمسموعة المرئية والإلكترونية، وبالتالي من شأن هذا الفعل التواصلي أن يحفزنا على الاتصال والتواصل مع الآخر، لنعرف قيمة وقوة ما عنده في مختلف الحقول المعرفية، حتى نتزود بها ونكون في مستوى الحركة الحضارية والعلمية(1). ولعل أخطر عامل يحول دون بلوغ هذا المستوى من المواجهة، الصراع الفكري البعيد القريب في فكرنا العربي، ولاسيما حين نتعامل والحال هذه مع أي مصطلح نقدي أو مجموعة من المصطلحات العلمية، هذا جانب، والجانب الآخر هو تلك العلاقة بين منهج نقدي ما والمصطلح، فهل يشتغل هذا المنهج بغياب أو تغييب حمولة اصطلاحية؟! وللإجابة عن هذا التساؤل، وإيضاح العلاقة المتبادلة بين المجالين تستوقفنا النقاط الآتية: ماهية المصطلح، شروطه وأقسامه، ثمّ علاقته بالترجمة وبالمنهج، وفي الأخير علاقة كل ذلك بالأسس النظرية المرتبطة برؤية إيديولوجية معينة. وقبل تحليل مختلف هذه النقاط نتوقف عند كلمة مفهوم طالما أنّ لكل مصطلح مفاهيمه الخاصة به. فالمفهوم Concept هو كيان كلي يجمع كل أجزائه ويحركها في نسق واحد بتوجيه قدراته الداخلية للتعبير عن فعل يجد استجابة من كل تلك الأجزاء التي تكتسب قوة داخلية، بحكم تعاضدها والتئامها في المفهوم المستخلص منها، وغالبا ما تعزى قوة مفهوم ما إلى تلك القوة الجزئية التي تنتجه، ومن هنا تختلف قوة مفهوم ما عن مفهوم آخر في التعبير عن فعل إنساني أو علمي أو فني. ولكي يتجسد المفهوم لغويا لا بد من تأطيره وتسميته بالمصطلح الذي يسمي المفهوم ويخرجه إلى عالم التواصل اللغوي في حقل ما، كما يمنحه إمكانية التداول الخطابي والمتخصص(2). فالمصطلح وليس كلمة المعجمية إذ يتكون من محمولات مقيدة لأنها تشير إلى الأشياء التي تؤخذ من عالم معين، وقد تتخذ هذه الأشياء أبعادا تصورية، كما تمثّلها المفاهيم التي لها إشارة في اللغة وإشارة في لغة أخرى، وبذلك فترجمة المفاهيم والمصطلحات ممكنة، لأن الترجمة تقوم بنقل معادلات تلك الإشارات والتصورات المفهومية والاصطلاحية من لغة ما إلى أخرى. ومن هنا تنتقل المفاهيم من حقل معرفي إلى آخر، فيمكن نقلها مثلا من حقل معرفي أوروبي إلى حقل معرفي عربي. إلا أنّ هذه العملية معقدة جدا « لأن عملية النقل هذه تخضع لإجراء متشابك يتمثل في إيجاد معادلات مصطلحية للمفهوم المراد نقله، وكذلك تبين حقل المفهوم الذي ولّد أجزاء المفهوم وصاغه، ثم أدرك القنوات التي أوصلته من المصدر إلى الهدف كقناة الترجمة ومشاكلها، ثم اشتغال هذا المفهوم في الحقل المعرفي العربي الهدف ونتائج ذلك الاشتغال »(3).

الكلمات المفتاحية

المنهج النقدي . الصرامة العلمية .الحمولة الإيديولوجية