مجلة الخلدونية
Volume 9, Numéro 1, Pages 25-40
2016-06-01

المقدسات والمعبودات الطبيعية لدى الإنسان المغاربي القديم

الكاتب : كيحل البشير .

الملخص

قد صاحبت الظاهرة الدينية الإنسان منذ مراحله الأولى ولعل أهم خاصية تميز بها هذا الأخير عن غيره من المخلوقات هي أنه كائن عاقل متدين، فمنذ توصله إلى إنتاج الأدوات الحجرية الأولى ترك لنا إلى جانب ذلك شواهد تنبئ عن وسطه الفكري والروحي، وفي مختلف مناطق العالم على تباين البيئات الطبيعية التي وجد فيها، محاولا التأمل في الظواهر الطبيعية والكونية المحيطة به، فاتجه فكره إلى بعض الآراء المتصلة هذا الجانب المعنوي الذي لم يكن عاطفة روحانية فحسب، بل حاجة ماسة شعر الإنسان بضرورتها بنفس درجة حاجياته الاقتصادية من أجل حمايته ومساعدته على تجاوز المخاوف والأخطار التي كانت هدد وجوده ، أو بحثا عن إجابات للأسئلة التي لا شك أن الكون المحيط به بظواهره وألغازه الكثيرة قد جعله يشعر بها ويفكر فيها ، فعملت كل مجموعة بشرية في سياق تطورها التاريخي على تجسيد تلك الحاجة وتكريس ذلك الاعتقاد بالشكل الذي يناسبها متأثّرة بالوسط البيئي الذي عاشت فيه وبتراكم تجاربها الذاتية أو بانفتاحها على التجارب الدينية لشعوب ومجموعات بشرية أخرى، ومن بين تلك الشعوب سكان بلاد المغرب القديم. وهكذا فإن هذه الدراسة ستتناول بالبحث الديانة الوثنية المغاربية في العصور القديمة منذ تجلياتها الأولى التي جسدتها البقايا الأثرية المكتشفة هنا وهناك والتي تفصح عن خبرة معنوية كانت في بداياتها غامضة وهي ترجع إلى العصر الحجري القديم الأوسط، ويمتد إطارها الزماني ليغطي الفترات التالية لها حتى سقوط قرطاجة في 146 ق. م. أما الإطار الجغرافي لها فهو بلاد المغرب القديم الممتدة من الحدود الغربية لمصر شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن البحر المتوسط شمالا إلى جنوب الأطلس الصحراوي جنوبا. ويأخذ المقال أهميته من أن نشأة تطور الفكر الديني يعتبر أحد أهم أشكال التعبير المعنوي عند الإنسان المغاربي القديم أبان من خلاله على تميز في التعاطي مع القوى التي شعر نحوها بالقداسة ومارس تجربته الطقوسية الدينية الذاتية، كما انفتح على التجارب الطقوسية للشعوب التي تواصل معها أو احتك بها كالمصريين القدامى والفينيقيين والإغريق، أخذا وعطاء وتأثيرا وتأثرا، فمعرفة هذا الجانب المعنوي تمكّننا بالتكامل مع الجانب الاقتصادي والاجتماعي من تكوين صورة متكاملة عنه في تلك المرحلة المتقدمة من وجوده . إذن مع مرور الزمن وصل التفكير الديني للمغاربي القديم الى مرحلة أكثر نُضجا وتطورا، فقد اتخذ من مظاهر الطبيعة آلهة، بعدما أمن بظاهرة حلول الأرواح فيها (Animisme) ، كما اتخذ من الأحجار والأشجار آلهة، وصنع منها أوثانا يقدسها ويتبرك بها في أفراحه وانتصاراته ويتوسل إليها اللطف والبركة في أحزانه ومآسيه.

الكلمات المفتاحية

مغرب قديم، طوطمية، تقديس الطبيعة، آلهة مغاربية.