مجلة الاستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
Volume 3, Numéro 2, Pages 738-759
2018-06-20

مبدأ عدم التدخل في ظل التحولات الدولية الراهنة

الكاتب : رحيمة لدغش .

الملخص

يتمثل التدخل الدولي في أنه إكراه تمارسه دولة أو عدة دول بصورة مباشرة أو غير مباشرة في الشؤون الداخلية أو الخارجية لدولة أخرى، بما يعوق الممارسة الحرة للحقوق السيادية لهذه الأخيرة، ولا يقتصر ذلك على استخدام القوة المسلحة بل يشمل أيضا جميع أشكال التدخل أو التهديد الذي يمس شخصية الدولة وعناصرها السـياسية أو الاقتصادية أو الثقافية، بما في ذلك تنظيم أو تشجيع أو تمويل الأنشطة التخريبية أو الإرهابية أو العصابات المسلحة التي تهدف إلى التدخل في حرب أهلية أو صراعات داخلية . وبالرغم من أن منظمة الأمم المتحدة - من حيث المبدأ - لا يجوز لها التدخل في الأمور المتعلقة أساسا بالاختصاص الداخلي للدول الأعضاء، إذ نصت المادة الثانية الفقرة السابعة من ميثاق الأمم المتحدة على حظر تدخل الأمم المتحدة في مسألة من المسائل الداخلة في الاختصاص الداخلي للدول الأعضاء، حيث نصت هذه المادة على ما يأتي : "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم الاختصاص الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل الرابع" . كما نصت المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة : "يمتنع أعضاء المنظمة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة" . وأن التدخل أصبح بعد سن ميثاق الأمم المتحدة محرماً تحريماً مطلقاً سواء بالنسبة إلى الدول أو إلى المنظمة الدولية في حالات معينة، إلا أن ذلك لم يمنع العديد من التدخلات - ونتحدث خاصة عن الأربعين سنة الأخيرة- سواء أكانت مباشرة أو غير مباشرة، بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد السوفياتي قبل تفكك هذا الأخير ونهاية الحرب الباردة، أو بالتدخل بصورة جماعية من قبل الأمم المتحدة وبناءاً على قرارها-منذ بداية تسعينات القرن الماضي-، أو بتدخل عدة أطراف ظاهرة أو خفية والمثال الواضح في هذه الحالة ما تشهده عدة دول عربية خاصة بعد ظهور ثورات الربيع العربي، وإذا كان الفقه التقليدي قد ربط مبدأ التدخل بالحق في ممارسة الرقابة الدولية من قبل إحدى الدول على أفعال مخالفة لقوانين الإنسانية تقع في نطاق سيادة دولة أخرى، فيمكن أن يصل التدخل في الشؤون الداخلية لدولة معينة إلى حد تغيير نظامها السياسي وأجهزتها الداخلية فلقد أدت المستجدات على الساحة الدولية إلى إعادة النظر في معظم المبادئ والقواعد التي قام عليها التنظيم الدولي، فالتوجه إلى محاولة تعطيل قاعدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة ذات السيادة بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان والمحافظة على حياة وحقوق مواطني الدولة المتدخلة ونشر الديمقراطية والحرية وحق تقرير المصير، ومكافحة الإرهاب الدولي وغيرها، إلا أن هذه الغايات النبيلة قد تتخذ ستاراً لتحقيق المصلحة الذاتية للدولة المتدخلة . وهذا يعد مساساً بمفاهيم اكتسبت مشروعية وثباتاً واستقراراً في القانون الدولي وفي مقدمتها مفهوم سيادة الدول .

الكلمات المفتاحية

مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول ، التدخل الدولي ، الحرب الإستباقية ، مكافحة الإرهاب الدولي ، السيادة الوطنية.