مجلة الاستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
Volume 3, Numéro 2, Pages 90-112
2018-06-20

مكانة الخطأ الطبي الموجب للمسؤولية المدنية في ظل القواعد التقليدية

الكاتب : زواوي شنة .

الملخص

رغم كل الانتصارات الطبية الباهرة، فإن مشكلة المرض ما زالت بعيدة عن الحل مما يجعل عمل الأطباء عرضة للانتقاد إن خرجوا عن الأصول العلمية والقواعد المتعارف عليها نظرياً وعملياً في علم الطب ولما كان الطبيب يتعامل مع أثمن شيء في الإنسان (الصحة)، فإن عمله المقدر والنبيل كثيراً ما يجعله عرضة للانتقاد إن خرج عن الأصول العلمية والقواعد المتعارف عليها نظرياً وعملياً في علم الطب خاصة وأن الطبيب يختلف عن غيره من المهنيين في أنه يفتقد فرصة تصحيح الخطأ الذي يقع فيه خاصة. وتلك الحوادث الطبية عادة ما تساق إلى دهاليز المحاكم من أجل المطالبة بالتعويض عن الضرر الحاصل بفعل التدخل الطبي. لا شك أن موضوع المسؤولية المدنية في المجال الطبي كان محل جدل و نقاش كبيرين إن على مستوى الفقه أو القضاء بحيث حاول القضاء المقارن التوفيق بين تلك المصالح المتضاربة و في ظل مواكبة التقدم الذي تعرفه العلوم الطبية استحداث مبادئ و أحكام لم تألفها قواعد المسؤولية التقليدية ، و تبعه في ذلك المشرعون باستحداث نصوص جديدة تارة وتعديل النصوص السابقة تارة أخرى . غير آن المتتبع لتطورات الاجتهاد القضائي في مجال المسؤولية الطبية يلاحظ أن القضاء وهو يتصدى لقضايا الحوادث الطبية يصطدم بخصوصيات ينفرد بها العمل الطبي، كاختلاف وتعدد طرق العلاج وإلاخفاق في العلاج، والتزام الطبيب ببذل العناية وتحقيق النتيجة...الخ، مما جعله يكيف قواعد المسؤولية الخطئية التقليدية مع متطلبات العمل الطبي وفي ذلك يبتكر قواعد وأحكاماً ينفرد بها العمل الطبي إلى حد يمكن معه القول أن قواعد المسؤولية الطبية قضائية النشأة بامتياز على غرار قواعد القانون الإداري. كما انه من نتاج التطور العلمي ظهور حالات يلتزم فيها الطبيب بتحقيق نتيجة معينة، وحالات أخرى يلتزم ببذل عناية صادقة تتوافق مع المعطيات العلمية المكتسبة يتحول عبء الإثبات بين المريض والطبيب بحسب طبيعة الالتزام. فإذا كان يقع على عاتق المضرور عب ء إثبات الخطأ وليس على المدعى عليه تكليف بإثبات صدق ما يدعيه طبقا للقواعد العامة البينة على من ادعى واليمين على من أنكر، ولا شك أن الإثبات عبء ثقيل على المضرور-المريض-،فكان لزاما على الفقه والقضاء محاولة إعفاء المضرور من عبء إثبات الخطأ أو التخفيف منه على الأقل. مميزين في ذلك بين عبء الإثبات في الالتزام ببذل العناية وعبء الإثبات في الالتزام بتحقيق نتيجة. كما أن أحكام القضاء المقارن لعب دورا أساسيا في رسم حدود مسؤولية الطبيب وتحديد التزاماته المهنية لحماية الطرف الضعيف - المريض - وذلك بنقل عبء الإثبات من المريض إلى الطبيب في إطار ما يعرف بتحول عبء الإثبات. فموضوع المسؤولية الطبية من أكثر المواضيع إثارة للنقاش بين رجالات القانون سواء كانوا من أهل الفقه أو القضاء و كذا التجمعات المهنية، و ما فتئ هذا التعارض بين أحكام قواعد القانون و بين الحماية التي ينشدها أصحاب المهن أن زال بما صدر من تشريعات خاصة على الأقل في الدول الأجنبية، وبما يذله رجال القانون و فقهاؤه من جهود حثيثة في هذا السبيل.ولكن رغم ذلك لابد من الإشارة إلى أن الأخطاء الطبية كثيرا ما يكون مردها نقص التكوين القانوني من جهة وتحسين المستوى العلمي في مجال العلوم الطبية التي أصبحت تتطور بشكل غير متناه.

الكلمات المفتاحية

الطبيب ، الخطأ ، المسؤولية الطبية ، الضرر.