مجلة المخبر' أبحاث في اللغة والأدب الجزائري
Volume 12, Numéro 1, Pages 131-153
2015-06-08

المؤثرات الفقهية في تأصيل الأصول النّحوية

الكاتب : بومود طارق .

الملخص

ولكي تتضح العلاقة بين الأصول الفقهية والأصول النّحوية كان لِزامًا عليّ أن أقف على المراحل التّاريخية الّتي مرّ بها كلا العلمين، وأحدّد زمن التأليف في علم الأصول كي تتضح لنا بجلاء العلاقة بين العلمين ومدى تأثير أحدهما في الأخر؛ حيث إنَّ عِلْم أصول الفقه قديمٌ قِدَم الفقه نفسه، فلا يُعقل أن يوجدَ فقهٌ دون أصول علميَّة تنظِّم طريقة استنباطه من مصادره، ومن الثابت- في تاريخ العلوم- أنّ تدوين أي علم يكون لاحقًا لوجوده وظهوره وهو أَمْرٌ طبيعي ومنطقي، وهذا ينطبق تمامًا مع أصول الفقه؛ فقواعد الاستنباط كانت موجودة منذ عهد النبي(s) إذ هو الذي تُؤْخذ عنه الأحكام حيث كانت الأحكام في عهده وحيًا مُنزَّلاً في كتاب الله تعالى أو من سُنَّته القوليَّة والعمليَّة، وفي فتاواه وقضاياه التي كان يقضي فيها بوحيٍّ من الله تعالى أو باجتهاده فيما يُعرض عليه من مسائل، وبهذا تكونت المجموعة الأولى من الأحكام الإسلاميَّة المستمدة من القرآن والسنة وما أقرَّه من أحكام شرعية وكذلك أقضية الصّحابة، ويوضح لنا ابن خلدون هذا المعنى بقوله: "اعلم أنَّ أصول الفقه من أعْظم العلوم الشّرعيّة وأَجلّها قدرًا وأكثرها فائدة، وهو النظر في الأدّلة الشّرعية من حيث تُؤْخَذُ منها الأحكام والتَّأليف وأُصولُ الأدّلة الشّرعيّة هي الكتاب الذي هو القرآن، ثمّ السُّنّة المَبَيِّنَةُ لَه، فَعَلَى عَهْدِ النّبيّ(s) كانتِ الأحْكَامُ تُتَلَقَّى بَمَا يُوحَى إِلَيْه من القُرآنِ وَيُبَيِّنُهُ بِقَوْلِهِ وفِعْلِه بِخِطَابٍ شِفَاهيٍّ لا يَحْتاج إلى نَقْلٍ ولا إلى نَظَرٍ وقِيَاسٍ"(1) وعليه، لم تكن هناك من حاجة داعية إلى تدوين وتأصيل علم أصول الفقه؛ لأنّ الرّسول (s) كان مُبينًا لأحكام الشّريعة وشارحًا للمسائل الفقهيّة، وموضحًا بقوله وفعله المؤيد بالوحيّ والعصمة للقضايا الطّارئة.

الكلمات المفتاحية

المؤثرات الفقهية، تأصيل، الأصول النّحوية