مجلة اللغة العربية وآدابها
Volume 1, Numéro 3, Pages 45-82
2013-12-01

أثر القرآن في اكتساب ملكة اللّسان

الكاتب : صالح تقابجي .

الملخص

حمدا لله خالق الألسن واللّغات، واضع الألفاظ والمعاني بحسب ما اقتضته حكمه البالغات، الّذي علّم آدم الأسماء كلّها، وأظهر بذلك شرف اللّغة العربيّة وفضلها، وجعل علوم الدّين والدّنيا متعلّقة بفهمها ومعرفتها، وصلاة وسلاما دائمين متلازمين ما اللّيل غسق والنّهار اتّسق على سيّدنا محمّد- الّذي أوتي جوامع الكلم- وعلى آله وصحبه أجمعين، فإنّ خير ما نبدأ به حديثنا عن هذه الدّراسة هو عرض مقتطفات مقتبسة من كلمة الشّيخ العلاّمة البشير الإبراهيميّ (رحمه الله) الّتي ألقاها في مجمع اللّغة العربيّة بمصر، وممّا ورد فيها قوله: " إنّ هذه اللّغة الشّريفة الّتي طرقنا خيالها المؤوب، ثمّ استمعنا داعيها المثوب، هي الرّحم الواصلة بيننا، وهي اللّحمة الجامعة لخصائصنا وآدابنا، فمن حقّها علينا أن نرعاها، وأن نسرع لنجدتها كلّما مسّها ضرّ، وإنّا ما نقوم به في هذا اللّقاء المرحّب المؤهّل، هو فن جميل من البرّ بالعروبة في أبنائها يرضي الله الّذي اصطفاها ترجمانا لوحيه، ويرضي سيّدنا محمد (صلّى الله عليه وسلّم) الّذي بلّغ بها رسالته إلى خلقه، ويرضي أسلافنا الّذين ساسوا بها العقول، وصدّوا بها ركب الإنسانيّة حينا فأطربوا. لقد كانت العربيّة تلقى الأذى من الغريب المتنمّر، ومن القريب المتنكّر، فيخفّ لنصرتها أفراد من أبنائها الأوفياء، ولكن لا يسمع لهم صوت لتفرّقهم في أقطار العروبة المتباعدة، وإنّا لنرجو أن يكون أقوى جامع لكلمة العرب كلام العرب، ونحن لا زلنا نتلمّح العامل الإلهيّ لحفظ هذه اللّغة، وحفظ الإسلام الّذي يحميها وتحميه؛ فلنعمل للغتنا، ولنسكب عليها عصارة أرواحنا، ولنضاعف جهودنا للذّود عن حرماتها، ولنعلم أنّه إن أصابها سوء ونحن عصبة إنّا إذن لخاسرون، ولسنا لعدنان ولا لقحطان إن سيمت العربيّة ضيما ونحن حماة ثغورها، فإنّ اللّغة العربيّة كالدّين، يحملها في كلّ خلف عدوله لينفوا عنها تحريف الغالين، وزيغ المبطلين ممّن فاتهم أن يحصلوا منها على طائل، فأصبحوا يرمونها بالعقم والجمود، وعدم المسايرة لركب الحضارة "؛ كما أنّ للّغة العربيّة مكانة عظيمة، ومنزلة رفيعة؛ لأنّها لغة القرآن الكريم والسّنة النّبويّة الشّريفة، فنالت بذلك شرفا عظيما أكسبها الخلود والبقاء إلى يوم الدّين، فهي وعاء ثقافتنا، ورمز هويّتنا، وعنوان تقدّمنا، ومصدر عزّتنا، ومن هنا وجب علينا المحافظة عليها وحمايتها، والعمل على نشرها؛ لأنّ ذلك من صميم الذّود عن مقوّمات الشّخصيّة العربيّة الإسلاميّة، وعن خصوصيّات مجتمعاتنا في حاضرها ومستقبلها، كما أنّها تحقّق للفرد وظائف مختلفة؛ فهي وسيلة للتّعامل والتّفاعل مع الآخر، والتّوازن النّفسيّ، والتّكيّف الاجتماعيّ، وهي نافذته المطلّة على الماضي بأصالته، والحاضر بحداثته.

الكلمات المفتاحية

أثر؛ القرآن؛ اكتساب؛ ملكة؛ اللّسان