مجلة البحوث العلمية والدراسات الإسلامية
Volume 14, Numéro 4, Pages 141-194
2022-11-30
الكاتب : دحمون عبد الرزاق .
تعرف حياتنا المعاصرة في بلادنا العربية و الاسلامية، انقلابا حقيقيا و جذريا في شتى المجالات، بسبب ما تعرفه البشرية من تطور علمي و تقني (تكنلوجي) متسارع و رهيب، على المستويات، السياسية، و الاقتصادية، و الفكرية و الثقافية، و العلمية و غيرها، و هذا التطور يسير باتجاهين مختلفين، احدهما مفيد و الثاني مهلك. المفيد منه، هو كلُّ ما يرتكزُّ على مبادئٍ العلوم و مناهجها و آلياتها، و العمل على الوصول الى تحقيقِ أهدافِها و غاياتها التِّي قامت عليها، تسهيلاً لحياة الإنسان على الأرض، مصداقاً لحكمة الخَلق، التي أشار إليها ربُّنا عزِّ وجلَّ بقوله: 《 و مَا خَلَقْتُ الجِّنَّ وَ الإنْس إلاَّ لِيَعبُدُونِ》 [ الذّاريات: 56] بينما الثاني يستعين بهذا التَّطوُّر لإفساد حياة الإنسان، و إنزاله إلى مستوى البهيمية الحيوانية، خاصة إذا عرفنا أنَّ أعداءَ الإسلام يتَّخذون من الغزو الفكري، أداةً هدَّامة و معوِّلا محطِّماً، بحكم امتلاكهم لهذا التَّطوُّر العلمي و التقدُّم فيه على غيرهم. و يضاف إليه ابتعادُ شعوبنا العربية الإسلامية في بعض الأحيان عن منهج الله تعالى و طريقه المستقيم، و هو مايشكِّل تحدِّيًّا حقيقِيًّا لاستقرار بلداننا، و خطرًا مدمِّرًا مستقبلاً، وزحفًا رهيباً عبى تقاليدناو مقومات ديننا، إن لم يتداركنا الله تعالى برحمته، و هذا المكر الإبليسي يتعاظم و يتنامى يوماً بعد يومٍ، مصداقا لقوله تعالى: 《 وَ يَمْكُرُونَ و يَمْكُرُ الله وَ اللهُ خَيْرُ المَاكِرِين》 [ الأنْفال: 30] و يزعم عدد معتبر من الناس، ممن تنتمي إلى أهل العلم و غيرهم، أنَّ علم الكلام علمٌ غير نافعٍ، و أنَّ هذا العلم غير مفيدٍ في زماننا تَدْرِيسُهُ، وأنَّ علماء الكلام أبْعَدُ عن معرفة الواقع الذي يعيشه الناس، بَلْ غَلَ بعضُهم، ختَّى ذكر أنهم لم يكنْ لهم دور ايجابي في نشر الإسلام و بيان حقائقه، بناءً على أنَّ أدلَّتَهُم المستخدمة في مجالسهم العلمية تَؤُول الى التجريد، و تبتعدُ كثيرًا عن واقع حياة الناس، فهل هذا الزعم صحيح ؟ أم أنَّه مغالطة من مغالطات خصومهم؟
الرصيد الكلامي المعاصر ; الاستفادة من الرصيد الكلامي ; التفعيل الحضاري المعاصر
السرحان الهام
.
ص 320-346.