المعيار
Volume 25, Numéro 5, Pages 753-771
2021-07-15

الفهم المقاصدي للسنة التشريعية، فهمٌ من داخل المنظومة الفقهية والأصولية أم من خارجها؟

الكاتب : خلفي وسيلة .

الملخص

عندما يكون المقصود بالفهم المقاصدي للسنّة النّبوية هو فهم مقاصد النّبي صلى الله عليه وسلم من كلامه وأفعاله وتقريراته، فإنّ هذا يُحيل ابتداء على موضوع مقاصد الشّارع، ويستدعي بالضّرورة النّظر في منهج الصّحابة رضي الله عنهم في فهم ما تلقونه من النّبي صلى اللهعليه وسلم ؛ إذ لا يُتصوّر أن يوسم فهمٌ ما بأنّه فهمٌ مقاصدي للسنّة النّبوية ثم يتأخّر عن وقت التّنزيل ولا يتشكّل في تلك الفترة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه يُعلّم ويُربي ويعيش مع الصّحابة معاني الإسلام وأحكامه في مختلف شعاب الحياة. لكن لما تأخّر تصنيف العلوم الدّائرة على الوحي، حتى القرن الثّاني للهجرة، حيث جُمعت السنّة وصنِّف علم أصول الفقه، بدأت تظهر بعض الصُّعوبات في الإمساك بالفهم المقاصدي للسنّة النبوية والذي تشكّل زمن التّنزيل، حيث كانت المشافهة هي قناة التّواصل المهيمنة بامتياز على جميع صور البلاغ. وإذا حصرنا الموضوع في خصوص السنّة التّشريعية، فإنّنا نكون عندئذ بإزاء مفهوم البيان، وهو مفهوم محوري، ظهر خلال القرن الثّاني عندما ألف الشّافعي الرسالة وضبط فيها مستويات البيان، وكان الاعتناء بالبحث عن مقاصد الشّارع متزامنا مع نشأة علم أصول الفقه، خصوصا مقاصد الخطاب الشّرعي، وعليه لم تكن قواعد الدلالات في أصول الفقه خاصّة بالكتاب وحده بل شملت السنّة كذلك، فالكلّ وحي "متلو وغير متلو" والكل جاء بلسان عربي لا تكشف عن مقاصده إلا قواعد فهم الخطاب في اللّسان العربي. لقد تشوّف العقل الفقهي والأصولي منذ بدء تشكّله إلى فهم مقاصد الشّارع المبثوثة في كلامه، وهي الغاية التي تجلّت عبر تاريخ التّشريع في مختلف المذاهب الفقهية والمدارس الأصولية. وإذا كان التّدوين قد اتّجه أساسًا إلى ما كان شفهيا من العلم والمعرفة الدّينية، فصبَّه في قالب من القواعد والقوانين، فهل يمكن اليوم الحديث عن فهم مقاصدي للسنّة التّشريعية، خارج المعرفة التي أسّسها الفقهاء أصلا من أجل ضبط هذا الفهم وتقنينه؟ ثمّ إذا كانت النّصوص هي المصدر الأوّل والوحيد للكشف عن مقاصد الشّارع، كما تأكّد ذلك مع اكتمال النّظر المقاصدي عند الإمام الشاطبي، فكيف تكون هذه المقاصد بعد ذلك موجّهة لفهم السنّة وهي بالأساس النّصوص التي منها استُخلِصت مقاصد الشّارع؟ إنّ الحديث عن الفهم المقاصدي للسنّة التّشريعية اليوم، لعلّه لا يخرج عن مسارين: مسار يتغيّا تتبع هذا الفهم منذ تشكّل في عصر الصّحابة إلى أن استقرّ في مختلف المذاهب، وهذا في الحقيقة جهد بدأ منذ بدء التّدوين واستمرّ مبثوثا في المذاهب، ثم كانت له تجليات في مختلف علوم الشّريعة، ومسار يتغيّا التفلّت من المنظومة الفقهية والأصولية وادّعاء فهم جديدٍ للسُّنّة كامنا ما زال لم يُكشف عنه بعد، فهل يتيسّر لمن يتعامل مع الآلاف من نصوص السنّة، نصوصًا مروية منقولة في الكتب أن يكشف منها عن مقاصد النّبي صلى الله عليه وسلم يوم أن قالها قبل قرون؟ هذا ما سعيت للإجابة عنه من خلال هذا العنوان، للمشاركة في المؤتمر الدّولي الذي تعتزم كلية أصول الدين بجامعة الأمير عبد القادر تنظيمه.

الكلمات المفتاحية

السنة التشريعية الفهم المقاصدي