Annales de l’université d’Alger
Volume 31, Numéro 5, Pages 1-26
2017-12-31

مبدأ حصانة جسم الإنسان وعملية نقل وزرع الأعضاء البشرية بين الأحياء

الكاتب : راحلي سعاد .

الملخص

تعتبر عمليات نقل وزرع الأعضاء بين الأحياء من الأعمال المستحدثة في الطب، وكان لها الفضل الكبير في القضاء على الكثير من الأمراض باستبدال الأعضاء التالفة لدى المريض بأعضاء سليمة مستأصلة من جسم إنسان حي، ولعل الأمر يتطلب الموازنة بين مصلحتين مصلحة الإنسان في الاحتفاظ بكيانه الجسدي سليما ومعافى وعدم المساس به، ومصلحة الإنسان ذاته في الاستفادة من تقدم العلوم الطبية من جهة أخرى للوصول إلى علاج الأمراض التي يصاب بها أو التخفيف من آلامه بعد عجز الوسائل التقليدية عن تحقيق ذلك. ولعل هذه العمليات تصطدم بمبدأ الحق في سلامة الجسم، الذي مفاده أن يحتفظ جسم الإنسان بتكامله المادي وألا تصاب أعضاءه بالخلل الذي يحول دون أداءها وظائفها الحيوية، ولكن يمكن النظر إليها من زاويتين: فهي تعتبر استثناءا من مبدأ الحق في سلامة الجسم من جهة ، ووسيلة من وساءل حمايتة . فهي استثناء من المبدأ على أساس أن هذا الأخير يمنع المساس بجسم الإنسان إلا بنص القانون، وتعتبر الأعمال الطبية عامة وزراعة الأعضاء خاصة من الأعمال التي يرخص بها القانون بشرط أن يكون الهدف منها علاجي، وهي وسيلة لحماية المبدأ على أساس أن عمليات نقل وزاعة الأعضاء قد كانت السبب في شفاء الكثير من المرضى. والمشكل لا يثور بالنسبة للمريض ذلك أن زرع عضو من الأعضاء في جسمه يكون الهدف منه إنقاذ حياته، وإنما يثور الإشكال بالنسبة للمتبرع بالعضو، ذلك أنه شخص سليم وتنازله عن أي عضو من أعضاءه لا يحقق له مصلحة علاجية.لذا أحاط المشرع هذه العمليات بمجموعة من الشروط أهمها الحصول على رضاء المتبرع والمتلقي للعضو، إضافة إلى وجوب تحقق الغرض العلاجي من عملية الاقتطاع وهو شفاء المتلقي للعضو وإنقاذ حياته. ذلك أن عمليات اقتطاع الأعضاء شأنها شأن التدخلات الطبية الأخرى يشترط فيها اتجاه عمل الطبيب نحو تحقيق شفاء مريضه، وهو المتلقي للعضو، أما المتبرع فلا يمكن التكلم عن غرض العلاج بشأنه، لأنه شخص سليم يقتطع العضو منه من أجل علاج شخص آخر، ولكن يشترط عدم الإضرار به عند القيام بعملية الاستئصال منه. وبالنظر إلى مستقبل زراعة الأعضاء في الجزائر فإنها تمشي ببطء مقارنة بالدول الأخرى، إضافة إلى كون النصوص القانونية التي تنظم عمليات نقل الأعضاء بين الأحياء لم تحقق الحماية الكافية لحق الإنسان في سلامة جسده خاصة نظرا لبعض النقائص والثغرات التي تشوب هذه النصوص. ويضاف إلى ذلك غياب التوعية لدى الشعب الجزائري بأهمية زراعة الأعضاء، وعدم الثقة في الأطباء والخوف من انعكاسات هذه العمليات على صحتهم مستقبلا، لذا كان لزاما القيام بحملات تحسيسية لبعث زراعة الأعضاء وضرورة التنسيق بين مختلف القطاعات وتضافر الجهود لإنجاح هذه العمليات التي تعتبر الأمل في شفاء الكثير من المرضى.

الكلمات المفتاحية

زرع الأعضاء, جسم إنسان, المتبرع