المجلة الجزائرية للدراسات المالية والمصرفية
Volume 11, Numéro 1, Pages 131-163
2021-12-31

التجربة المغربية في الاقتصاد الإسلامي فروع دار الصفا أنموذجا

الكاتب : إبراهيم وامومن .

الملخص

إن فكرة إنشاء فروع إسلامية تابعة لبنوك تقليدية، ترجع إلى بداية ظهور البنوك الإسلامية في مطلع السبعينيات من القرن الماضي، حيث سارعت العديد من البنوك التقليدية إلى تقديم التمويلات الإسلامية، بأشكال متنوعة، وكيفيات متعددة. وهذا التوجه لم يتم إلا عندما أدركت البنوك التقليدية مدى الإقبال الكبير على البنوك الإسلامية، والطلب المتزايد عليها؛ عندها أقبلت على مشاركة البنوك الإسلامية، بعقود مطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية، تلبية لرغبة شريحة كبيرة من المجتمع. وكانت الجمهورية المصرية في طليعة الدول التي قررت خوض غمار هذه التجربة، حيث قامت سنة 1980م بإنشاء أول فرع إسلامي، أطلق عليه اسم "فرع الحسين للمعاملات الإسلامية. وأدى تشجيع البنك المركزي المصري لهذا الاتجاه إلى إنشاء فروع متخصصة في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، الأمر الذي ترتب عنه ارتفاع عدد الفروع الإسلامية في مصر إلى ما يقرب من تسعين فرعا . ثم تلتها المملكة العربية السعودية حيث قام البنك الأهلي التجاري سنة 1987م بإنشاء أول صندوق استثماري يعمل وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية، وهو صندوق المتاجرة العالمية في السلع، ثم تلا ذلك قيام المصرف بإنشاء أول فرع إسلامي، وذلك في عام 1990م. ونظراً للإقبال المتزايد على هذا الفرع، قام المصرف الأهلي في عام 1992م بإنشاء إدارة مستقلة للإشراف على تلك الفروع التي تجاوز عددها ستة وأربعين فرعاً، موزعة على مختلف مدن المملكة. ثم انتشرت هذه التجربة في أغلب الدول حتى وصل عددها (وفق آخر إحصائية صادرة عن المجلس العام للبنوك الإسلامية) في نهاية عام 2004م إلى مائتين وسبعة وستين فرعا إسلاميا، منتشرة في ثمان وأربعين دولة، في القارات الخمس. أما التجربة المغربية فتعد تجربة متأخرة جدا، بالمقارنة مع سابقاتها، ويرجع ذلك إلى موقف الجهات الوصية في المغرب من هذه التجربة. فمنذ عقود من الزمن وبنك المغرب يرفض إصدار التراخيص لترويج المنتجات البديلة في بنوكه الوطنية، على الرغم من بعض المحاولات التي بذلت في هذا الصدد، إلا أنها محاولات كلها باءت بالفشل ( وقد تتابعت هذه المحاولات حتى سنة 2007م، وهي السنة التي أعلن فيها بنك المغرب قراره بالسماح بفتح نوافذ داخل البنوك الوطنية، وذلك في إطار توصية صادرة عنه يوم فاتح شتنبر سنة 2007م، سمحت بتداول ثلاث صيغ مالية إسلامية: المرابحة، والإجارة، والمشاركة. وجرى تسويق هذه المنتوجات البديلة داخل شبابيك الوكالات البنكية وفروعها، وبموجب ذلك أصبحت كل وكالة بنكية تتوافر على نافذتين: أحدهما: للمنتجات البنكية التقليدية، التي تعتمد نظام الفائدة، والثانية: للمنتجات المالية البديلة. واستمر الوضع على هذا الحال إلى أن أعلن بنك الوفا فتح فروع تابعة له، أطلق عليها "دار الصفا" ، وذلك في يوم الثلاثاء، السادس من يوليوز، سنة 2010م، بعد أن حصل على ترخيص من بنك المغرب، يقدم فيها المنتجات نفسها المقترحة سابقا في البنوك المغربية، والجديد الذي أضافه بنك الوفا، هو تخصيص فرع مستقل يقدم هذه البدائل الثلاثة، على غرار ما قامت به بنوك أخرى في بلدان كثيرة من بلاد العالم، فاعتبر ذلك منه تقدما ملحوظا في الدفع بالفكرة من حيز التنظير إلى حيز التطبيق، حيث لم يكتف بتخصيص فتح نافذة لممارسة هذه البدائل ضمن أعماله الطبيعية التي يقوم بها -كما صنعت بعض البنوك المغربية- وإنما سعى إلى فتح فروع مستقلة بذاتها، من حيث الميزانية، والتسيير، والإشراف، والرقابة، وسائر المهام المنوطة به، ولا شك أن هذه خطوة إيجابية، وبادرة طيبة تحسب للقائمين على بنك الوفا. وتعد دار الصفا أول مؤسسة مغربية في هذا الباب، وأول مؤسسة تتخصص في الخدمات المالية البديلة، ومن المفروض أن تقوم –غالبا- بما تقوم به الفروع الإسلامية التابعة للبنوك التقليدية، ويمكن أن تعتبر فرعا إسلاميا مؤقتا، عسى أن تقوم بنوك أخرى بتطوير التجربة أكثر، وأن تضيف خطوات أكبر، وقد ينبني على هذا تنافس بين البنوك المغربية -إن كانت لديها نية صادقة تجاه هذه التجربة- قد تؤدي إلى إنشاء مصرف إسلامي بكل ما في الكلمة من معنى.

الكلمات المفتاحية

الصفا