المداد
Volume 1, Numéro 1, Pages 106-96
2013-06-15

اللغة العربية واغتراب الهوية وتحديات العصر

الكاتب : عمر بن طرية .

الملخص

يقول المولى عز وجل وهو أصدق القائلين:"مِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ" (1) إن الله عز وجل في هذه الآية الكريمة ميز الشعوب باللغة،و جعل اختلاف الألسنة آية من آياته ، ومن هنا صارت اللغة؛ لاختلافها، وتعددها مظهرًا من مظاهر تمييز الأقوام، وصورة من صور الهوية.ومن ثم فإن اللغة العربية -ولا شك- تعتبر من الثوابت الأساسية للأمة العربية الإسلامية، فهي رمز هويتها، وأداة إبداعاتها الفنية، ومعلم من معالم النتاج الفكري والأدبي، كما أنها وسيلة من وسائل التواصل بين الأفراد، وهمزة وصل فعالة في بوثقة المجتمع وصهر جميع أفراده من أجل تحقيق كيان الأمة، والسير بها قدما إلى مصاف الدول المتقدمة، والوقوف بها على عتبات التاريخ شامخة كالطود الأشم قديما وحديثا. ومن ثم فاللغة العربية ليست بدعا من اللغات، فهي كغيرها من اللغات الأخرى ،فهي تؤثر و تتأثر، ولكن ليس بالوصف و التحجيم اللذان ذهبا إليهما الكثير من الباحثين، حيث ذهبوا إلى أن اللغة العربية غير قادرة على مسايرة العصرنة والتطور التكنولوجي المشهود ، وإن لم تدرك نفسها كانت عرضة للانقراض و الاندثار . لاشك وأن تقزيم اللغة العربية والشعور بعقدة النقص وسيطرة الأجنبي تعد من أهم العوامل التي أدت إلى ضعف شخصية الفرد العربي ، واستسلامه للهزيمة، والانتقاص من شأن لغته الأم ، وتخليه عن كل ما هو عربي أصيل ، وراح في رحلة خيالية ملأى بالأوهام يبحث عن كل ما هو غربي وافد من وراء البحار اعتقادا منه بفعله هذا سيرتقي ويتطور وينال بهذه التبعية مكانة راقية ، ولكن الأمر ليس كما يتوقع ، بل إن مثل هذا التصرف يجعله أكثر تبعية للغير وذوبانا في الآخر، مما يجله مطموس المعالم، مهزوز الشخصية. إن اللغة العربية –ولا شك- تمتلك من الخصائص و الميزات التي تجعلها قادرة على مسايرة العصر، و تحدياته ، ومواكبة عالم التكنولوجيا، و التطور الحاصل جراء الثورة المعلوماتية، و الانفتاح على شبكات الإنترنيت و وسائل الاتصال الحديث. ومن هنا وجب على الباحثين و أصحاب الحل و العقد في هذه الأمة أن يصرفوا جل جهودهم من أجل تعميم استعمالات اللغة العربية في المؤسسات التربوية وفي وسائل الإعلام ، وكذا العمل على تعليم اللغة العربية لغير العرب وعلى وجه الخصوص تلك الشعوب التي تعتنق الدين الإسلامي ،كماليزيا، تشاد و اندونيسيا و غيرها. لأن صيرورة اللغة، واتساع رقعتها لن تتأتى إلا عن طريق مشروع عربي حضري تتكاثف حوله جميع الكفاءات و القدرات من أجل إنجاح المخططات الرامية إلى السمو بالإنسان العربي، و القفز به قفزة نوعية تؤهله للوقوف، وبثبات أمام شبح الا غتراب العولمة و أخطارهما.

الكلمات المفتاحية

اللغة - الهوية - الاغتراب - العولمة

اللغة العربية وتحديات العصر

صحراوي عز الدين . 
ص 125-134.