المداد
Volume 1, Numéro 1, Pages 95-83
2013-06-15

الازدواجية والثنائية في اللسان العربي بين المرفوض والمفروض

الكاتب : أحمد سعدي .

الملخص

إنّ اللغة العربية الخالدة تجتمع فيها الظواهر اللسانية الطبيعية كلها منذ فجر تاريخها إلى اليوم.وتختلف مستويات استعمالها باختلاف مستويات الشعوب التي تتكلمها وبحسب مستويات الأشخاص الذين يستعملونها. ومستويات الأداء اللغوي منذ القديم ، وفي جميع اللغات ، متفاوتة ومتباعدة تدنيًا وسموًا .ولا يكون لأية لغة مزية تشكر ، ولا قيمة تذكر ، إلا إذا استعملها من له قيمة ، فيما له قيمة . وأقصد بذلك مجالات العلم والأدب ، ومصالح الدولة ، من تعليم ، وسياسة ، وإدارة وغيرها .لأن هذه المصالح العليا للمجتمع أو مصالح الدولة ، هي مصالح عامة أو مصالح مرسلة كما يعبر عنها في أصول الفقه . وليس صحيحا أن العامية هي اللغة العامة التي يفهمها جميع الناس ،لأن استعمالها إقليمي وله حدوده الجغرافية ، ولأننا كلما انتقلنا مئة كيلومتر تقريبا نصادف عامّية أخرى،ولهجة أخرى،كما يقول دي سوسير : " عندما نتكلم عن اللهجات فإننا نخرج من اللسانيات وندخل في الجغرافيا ." (1) وموضوع اللهجات والعاميات ميدانه اللسانيات الاجتماعية أو اللسانيات الجغرافية . ولهذا لا تصلح أن تكون العامية أو اللهجة لغة وطنية أو لغة رسمية إلا إذا أردنا تعميمها وتوسيع استعمالها أو أردنا تقسيم الوطن إلى دويلات أو أردنا استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فاللغة العامّة أو اللغة الجامعة أو اللغة الرسمية هي الأوسع انتشارا والأقدر على ممارسة الوظائف اللسانية الحضارية السامية ، وهو ما يتوفر في كل اللغات العالمية الفصيحة بدرجات متفاوتة ومن بينها اللغة العربية،وهذا لا يصدق في عامياتها. . والحقيقة العلمية التي لا ينبغي إخفاؤها هي أن العرب في الجاهلية وصدر الإسلام لم يكونوا كلهم على درجة واحدة من الفصاحة ، ولم يكونوا يتكلمون كلهم العربية الفصحى التي نعرفها اليوم .وإنما كان لكل قبيلة واقعها اللساني المتمثل في لغتها الخاصة ولهجاتها المعروفة عنها .فقد كان للعرب لغات عربية وليس لغة عربية واحدة ، ولما جاء الإسلام يقدّم للناس شيئا له قيمة أرفع من قيمة الشعر، واختار الله تعالى لغة واحدة من لغات العرب هي لغة قريش ، لا لشيء سوى لأنها " لسان عربي مبين " أقدر على حمل القرآن الكريم ،"الكتاب القيّم "، تنازلت لها اللغات العربية الأخرى طوعا لا كرها عن كل شيء، لأنها أصبحت لغة ذات قيمة .بل أصبحت لغة واجبة،بناء على قاعدة أنّ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب،وقراءة القرآن في الصلاة أو في غير الصلاة واجبة،وهكذا تعرّبت شعوب وأراض و أقطار بفضل انتشار نور الله تعالى،ولو امتدّ الفتح الإسلامي ليعمّ آسيا وإفريقيا وأوروبا لتعرّب العالم قبل اكتشاف قارّة أمريكا.

الكلمات المفتاحية

اللغة - الظاهر اللسانية - العامية - اللغة الجغرافية - الاداء اللغوي