اللّغة العربية
Volume 6, Numéro 1, Pages 337-360
2004-10-01

فن الدراما الإذاعية

الكاتب : ابراهيم جديدي .

الملخص

إن الفن بجميع أشكاله ليس سوى عملية تعبير.. عملية اتصال بين الفنان و المجتمع الذي يعيش فيه، والفنون أو المشاعر التي تنتقل بمضمونها من الروح البشرية الفردية إلى قلوب جمهرة من الناس، يتم لها هذا الانتشار عن طريق أشكال مختلفة من الفن.. كالرسم أو النحت أو الموسيقى أو التمثيل أو الشعر أو الكتابة، وفقا لاستعداد الفنان وموهبته وقدراته المكتسبة. وغني عن البيان والإثبات؛ أن معظم الفنون التي لها مقدرة على الانتشار والوصول السريع إلى قلوب الجماهير في عصرنا هذا هي الأعمال الدرامية: مسرحية كانت أم سينمائية أم تليفزيونية أم إذاعية..ولكي يضع الفنان الدرامي مضمون فكرته في شكل فني يسهل على الناس فهمه واستيعابه؛ فإنه لابد أن يستعمل أساليب التعبير التي يفهمها الناس، والتي تطورت عبر التاريخ. لهذا كان المسح الشامل لتاريخ الفكر البشري، والفلسفات الاجتماعية والدراسات العلمية التي عاصرت تطور الدراما، وأثرت عليه عبر التاريخ، وكان عاملا حيويا بالنسبة للمبدع الدرامي "المؤلف والمخرج"، ومما أهله كذلك لفهم واستيعاب القواعد المتطورة للبناء الدرامي، والحوار، والفعل، وغيرها من الأشكال والرموز الفنية الحديثة التي تتماشى وتطورات العصر، والتي يتقبلها المستمع أو الملتقي بكل صدر رحب. في طبيعة كل إنسان شيء ما يدفعه إلى محاكاة الآخرين في طفولته، ثم يكبر هذا الشيء مع كبر سنه، فيتحول إلى شوق دائم لرواية الأحداث أو الاستماع إلى روايتها، ولقد أطلق البعض على هذا الشعور لدى كل إنسان: "الرغبة الدرامية" ، واعتبرها البعض نقطة ضعف بشرية، والحقيقة أن فن الدراما موجود في دماء كل منا، نحب أن نصنعه أو نتفاعل معه، ولا يمكن لأي منا أن ينسى أمتع لحظات طفولته، وهو يستمع إلى حكايات جدته ويشد إليها شدا، ثم ينام ليعيشها في أحلام منامه كما عاشها في أحلام يقظته. والدراما تعريفا هي فن الأفعال الإنسانية، وكلمة "دراما" تعني الحركة المتجددة، ولا بد لأي عقل إنساني كي يسمى دراما من أن يكون فعلا تاما، يحتوي على صراع بين قوتين، كصراع الإنسان مع نفسه، أو صراع الإنسان الخيِّر مع الإنسان الشرير، أو صراع الإنسان مع بيئته، أو صراع الإنسان مع القدر، فكل ذلك فعل إنساني، يتم فيه صراع ذو مبررات، ينتهي بنتائج منطقية ومقبولة. وباعتبار الدراما فعل إنساني فهي إذن تعتمد على المحاكاة، "وهي تقتبس مادتها من الحياة " وكلمة تقتبس يجب الانتباه إليها، لأن الدراما لا تنقل الواقع نقلا مباشرا أو مطابقا، بل إنها تظهر الواقع بالأسلوب الفني المطلوب، وبالطريقة التي تجعل العمل الدرامي عملا فنيا متكاملا، ولأن الإنسان هو المحور الرئيسي للعمل الدرامي، فإن فن الدراما يبقى بقاء الإنسان، ليقدم التجربة البشرية الدائمة التي تبرز مشاكل، وتساهم في التعايش مع عواطفه وأحاسيسه.

الكلمات المفتاحية

الدراما؛ المسموعة؛ الفن؛ الإذاعة