اللّغة العربية
Volume 5, Numéro 2, Pages 223-245
2003-10-01

لماذا اندثرت اللغة اليونانية واللغة اللاتينية وبقيت اللغة العربية صامدة؟

الكاتب : أحمد بناسي .

الملخص

تعتبر اللغة اليونانية من أبرز اللغات التي أثرت تأثيرا بليغا في الفكر البشري عبر مسيرته الكبرى، واللغة اليونانية كسائر اللغات، وكظاهرة اجتماعية، نمت تدريجيا، تطورت مرحلة بعد مرحلة. فمن أثينا، موطنها الأصلي، شدت الرحال إلى الإسكندرية، العاصمة الثانية لليونانيين ومن هناك عبرت الحدود إلى آسيا والشرق العربي، فكيف كانت البداية؟ إن المؤرخين يجمعون على بروز الإلياذة، أو الملحمة الشعرية التي جادت بها قريحة "هوميروس" أعظم شاعر غنائي في ذلك العصر، كانت بداية الانطلاق. إن الإلياذة كانت بمثابة دائرة معارف، فيها وصف دقيق للوقائع والأحداث، وسجلّ رائع للحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية التي كانت سائدة في المجتمع اليوناني، ثم تحولت إلى خالد، ومنبع أصيل للوطنية والعزة والشرف، لقد كان المربّون لا يستغنون أبدا عن هذه الإلياذة في تربية أبنائهم وتنشئتهم تنشئة وطنية، تغرس فيهم حبّ الوطن والدفاع عنه، فأرسطو (380-322). عندما استدعاه فيليب الملك المقدوني ليشرف على تربية ابنه الإسكندر ليجعل منه قائدا ممتازا فإن الإلياذة كانت أول شيء لقنه أرسطو للإسكندر. ويبدو أن هذه الإلياذة تمكنت من قلب الإسكندر حتى أنه كان يضع نسخة منها تحت وسادته1 على أن أعظم إنجاز للإليادة في الميدان اللغوي هو أنها جعلت اليونانيين يتجاوزون خلافاتهم اللغوية ولهجاتهم المتعددة ويتخذون لأنفسهم لغة واحدة " لأنهم كانوا يتخذون مجموعة من الشعوب المتشابهة تربطهم رابطة واحدة هي اللغة2 ومن الملاحظ هنا أن "سارتون" يبدي تأسفا واضحا من خلال بعض العبارات وهي أن أجزاء كبيرة من أوروبا لم تطلع على هذه الإلياذة التي كانت أساسا لانتشار اللغة اليونانية وهذا لسبب بسيط وهو أن العرب لم يترجموا هذا التراث الأدبي الخالد يقول سارتون: " والواقع أن هذا الجزء الرئيسي من الثقافة اليونانية لم ينتقل إلينا مع علوم اليونان وفلسفتهم عن طريق السريان والعرب3

الكلمات المفتاحية

اللغة العربية؛ اليونانية؛ اللغة اللاتينية؛ الإلياذة