مجلة القانون والعلوم السياسية
Volume 1, Numéro 1, Pages 11-44
2015-01-01

الحفاظ على البيئة ضرورة إنسانية وفريضة شرعية

الكاتب : صحراوي خلواتي .

الملخص

في2013 ارتفعت نسبة تدخل الإنسان في حدوث الاحتباس الحراري إلى 95% بعد أن كانت 90% في 2007، و66% في 2001، كما أنه في سنة 2100 سترتفع درجة الأرض ب4,8 درجات، وسيزيد منسوب مياه البحار والمحيطات ما بين 26 إلى 82 سنتمتر، كل ذلك جاء في تقرير خبراء المناخ الذي انعقد باستوكهولم في 27 سبتمبر 2013، وقد حذر هؤلاء الخبراء أن تلك التغيرات ستحدث أضرارا جد جسيمة من جفاف وفيضانات وكوارث في الدول الفقيرة، وحتى الدول الغنية لن تسلم من تلك التغيرات؛ فمدنها الساحلية ستصبح عرضة لأن تغمر بمياه البحار والمحيطات. إن تلك التحذيرات صُدرت بعنوان عريض في الوسائط الإعلامية المختلفة "PLANET ON RED ALERT"، ولعل هذا العنوان بهذا التعبير يهز الضمائر والوجدان والمشاعر ويدفع بالإنسان والمجتمعات، وقبل ذلك الدول التي وقعت على اتفاقيات وبروتوكولات، وأصدرت ترسانة من التشريعات فيما يخص الأمن البيئ، ولكنها لم تحد من ظاهرة الاعتداء على البيئة، بل تفاقمت تلك الاعتداءات وتلك الأضرار، والأرقام السابقة شاهدة على ذلك، أقول: يدفع بالكل إلى استشعار واستحضار هذه الأخطار المحدقة بكوكبنا، والإعلان بملء فينا أنه كما للإنسان حقا في بيئة سليمة، فللأرض حقوقا علينا؛ ولتكن حقوق الأرض ملازمة لحق الإنسان في بيئة خالية من الأخطار. إن الأزمات التي يتعرض لها مناخنا وبيئتا لا تقل خطرا عما يتعرض له الاقتصاد العالمي من هزات واضطرابات، وما يكابده من اختلالات، بل ومن الصدامات المجتمعية. وفي سبيل التخفيف من آثار الأزمة المالية العالمية، ورسم نظام اقتصادي جديد يحمل مناعة لأي هزات محتملة ارتفعت أصوات من كبار صناع القرار وخبراء الاقتصاد إلى ضرورة تلقيح الاقتصاد العالمي بجملة من المبادئ الأخلاقية، والتفتح على الشرائع السماوية، وفي مقدمتها شريعتنا الغراء. إن ذلك التلقيح، وذلك التفتح لا بد أن ينتقل بنفس اللهجة، وبنفس القوة والوتيرة، وربما أكبر من ذلك إلى معالجة أمننا البيئي، وترسيخ في وجدان وذاكرة أجيالنا: أن للأرض حقوقا علينا؛ حقوق أملتها شريعتنا، والقيم الإنسانية المشتركة، إنه بالقدر الذي نوفي للأرض حقوقها علينا بالقدر الذي نرث به أمننا البيئي. إن من أبجديات قبول التشريعات والقوانين أن تكون عليها صبغة حضارية في مضمونها ومقدماتها، وأن يمتزج فيها كمية كبيرة من الماضي بكمية صغيرة من الحاضر أخذا بمعادلة مالك بني في صناعة المستقبل. إن حضارتنا الإسلامية، وما تحمله من تشريعات شاملة ومقاصد ثابتة، وقدرتها على التصدي لكل النوازل إما نصا أو بناء على الأصول والقواعد، قد رسمت من كل ذلك منهجا لأمننا البيئي، وجعلت المحافظة على البيئة ضرورة إنسانية وفريضة شرعية، ورتبت الضمان على منتهك عناصر البيئة. فمداخلتنا ستركز على ما يلي: 1- بيان أن أداء حقوق الأرض، وما يتبعه من أمن بيئي فريضة شرعية، وضرورة إنسانية. 2- إبراز اجتهادات الفقهاء في مسائل متعلقة بالبيئة، ودور القاضي والمحتسب في المحافظة على البيئة، وبيات ترتب الضمان على الاعتداء على البيئة. 3- الإجابة على سؤالين: أ‌- هل المحافظة على البيئة وحق الإنسان فيها مقصد من مقاصد الشريعة؟ ب‌- هل الاعتداء على البيئة يدخل في تغيير خلق الله تعالى؟

الكلمات المفتاحية

الارض البيئة الشرائع السماوية الامن البيئي مقاصد الشريعة الفقهاء