التراث
Volume 3, Numéro 5, Pages 55-68
2013-11-15

صياغة العقيدة وجدلية التراث والعصر

الكاتب : عطري بن عزوز .

الملخص

في الماضي كان الكتاب يكتب باليد ، و تحمل الكتب على الجمال ، واليوم يكتب الكتاب بالكمبيوتر بسهولة ويسرثم ينسخ في قرص مدمج يستوعب ملايير الكيلوبايت بما يقابل أطنانا من الكتب ويطبع منه ملايين النسخ في دقائق ،وينشر عبر العالم في أيام معدودات ، بل في ساعات ، وربما في دقائق . كل هذه الاختراعات والاكتشافات المذهلة غيرت خصائص المجتمع ، وكيفت عقله وفكره ،فكيف يمكن للتراث جملة أن يستوعب هذا العصر ويحل مشاكله المعقدة ، ثم لا ننسى أن الفرق والمذاهب الفكرية عبر هذا الزمن قد حجبت عنا القرآن وأفكارها بتأويلاته التي اختلطت بأفكار أخرى فارسية ومجوسية ويهودية ونصرانية مع أن حجتهم تقول أن منظومتهم المعرفية استمدت من القرآن ، ولكنهم عندما استكملوا تراثهم الفكري ابتعدوا عن القرآن ،كما فعلت المعتزلة الذين استلهموا الفكر العقدي في البداية من القرآن ، ثم كانت الأفكار الفلسفية التي ترجمت بطريقة فيها كثير من التحريف والتكييف ، كان لها الأثر السلبي على الفرق الإسلامية حيث قُدم العقل عن النقل . هذا بالإضافة لما تعرضت له السنة من الوضع لتشويه العقيدة . وكائناً ما كانت المبررات ، فلا يسع مسلم أن يفصل بينه وبين قرآنه فاصل أو يحول بينه حائل ، خصوصا وقد وصل إلينا القرآن سالما من التحريف ، وكذلك السنة قد بانت معالمها ، وخرجت من تلك الهجمة الخطيرة التي تعرضت لها ، و صنف علماء الحديث أحاديثها بطريقة مبتكرة وبارعة . وعودتنا إلى القرآن والسنة مباشرة ، لا تعني ضرورة إطراح التراث جانبا ، بل يجب الاستفادة منه و الأخذ بما تفتقت عنه عباقرته من اجتهادات وابتكارات . ولا ننسى أن تراثنا هو خليط من الأفكار منها الأفكار الميتة ومنها الأفكار المميتة ومنها الأفكار المطبوعة ، ومنهاالأفكار الموضوعة كما يقول الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله ، في كتابه "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي " فمنهم من أبدع في هذا التراث ومنهم من نقل ومنهم من قلد ، وفرق بين من أبدع ونقل وقلد . فالدعوة إلى التجديد وصياغة العقيدة الإسلامية ، تتطلب جهود الجميع في وضع الأسس والوسائل والمضامين التي من شانها أن تساعد الصياغة في واقع التحديات ، فالمطلوب من الفكر العقدي أن يعالج المشاكل بمرجعية عقدية لكل سلوك ، وتتوقف على الوعي بالأسباب والدواعي وطبيعة المشاكل وهذا ما نرجوه في معالجة هذه الإشكالية ، بطرح هذه المسألة على بساط البحث العلمي الجاد من المختصين في مجال العقيدة .__

الكلمات المفتاحية

التراث، الصياغة، العصر، الفكر، السلوك.