التراث
Volume 3, Numéro 5, Pages 43-54
2013-11-15

عناية المحدّثين بتوثيق النصوص وسبقهم للغرب-توثيق صحّة نسبة الكتاب إلى المؤلّف نموذجا-

الكاتب : عبد المجيد جمعة .

الملخص

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد خاتم النبيّين وعلى آله الطيّبين، وصحبه رضوان الله عليهم أجمعين. أما بعد فلقد شاع على ألسنة كثير من الناس، الكتّاب والمثقفين، أنّ الغرب، كان لهم الفضل في ابتكار منهج تحقيق النصوص، وإرساء قواعده؛ وأنّ المسلمين، قد أخذوه عنهم هذا الفنّ، أو استقوه من المستشرقين الذين -ربما-كان لهم بعض السبق في العصر الحاضر في تحقيق بعض تراث المسلمين ونشره، مع بيان منهجهم في ذلك. وهذا الأمر يرجع لأحد السببين: إما تأثر المسلمين بالحضارة الغربية الات، التي وسعت كل المجالات حتى شملت حضارة الأمّة وثقافتها. وإما جهل المسلمين بتراث أسلافهم، وعدم العناية به إلا على وجه التبرّك أو المطالعة، دون فهم لمعانيها، واستخراج الفوائد والعبر من مكنوناتها . لكن حقيقة الأمر، أنّ فنّ التحقيق قد ظهرت معالمه، ولاحت ملامحه منذ فجر الإسلام، الذي اطّلع على العالم، فأناره بأنواع العلوم والمعارف، فقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم كُتَّابًا للوحي، وأمرهم أن يكتبوا ما نزل عليه من القرآن ونهاهم عن كتابة الحديث، حتى لا يخلطوا بينه وبين القرآن، ثم بعد وفاته جاء حركة تدوين السنة، وسلكوا في ذلك منهجا محكما، حيث وضعوا له قواعد تضبطه. ثم ازدهر الأمر أكثر في العصور الذهبية، وما اشتهرت به من النهضة العلمية القوية، حيث أصلّت الفنون، وكثر تأليف الكتب. وقد كان لعلماء الحديث الدور البارز في ضبط قواعد الكتابة والتأليف، وكيفية التعامل مع الكتب والنسخ المختلفة، فاهتموا بالقراءة والعرض، والإجازة والوجادة ونحو ذلك، ووضعوا أصولا للرواية والدراية بغية الوصول إلى الصحّة وعدم الوقوع في الخطأ والغلط. وإن الناظر إلى ما تركه هؤلاء العلماء من التراث الكبير، والمتأمّل في المنهج الذي سلكوه في التدوين والتأليف، يستخلص قواعد مهمة، ينبني عليها ما اصطلح عليه اليوم( تحقيق المخطوطات) او (تحقيق النصوص) من حيث جمع النسخ والمقابلة بينها وإصلاح الأخطاء والسقط، وتصحيح التصحيف ووضع الرموز ونحوها.

الكلمات المفتاحية

التوثيق، التحقيق، المعارف، القرآن والسنة.