مجلة أنسنة للبحوث و الدراسات
Volume 1, Numéro 1, Pages 102-118
2010-06-14

الراوي الشعبي والمداح (القوال الشعبي) بين احترافية المهنة... وقداسة الرسالة

الكاتب : عبد القادر فيطس .

الملخص

إن كلمة راوية كانت بادئ الأمر محصورة فيما يتصل بالماء من إناء يحمل فيه ومن حيوان يحمل عليه ومن إنسان يحمله متعهدا دابة للسقاية كقول الشاعر لبيد بن ربيعة العامري. فتولّوا فاترا مشيُهُم كَرَاوايَا الطبع همَت بالوحلِ فالروايا هنا هي الإبل الحاملة للماء. وفي قول الشاعر الأعشى ميمون بن قيس في قصيدة يمدح فيها إياس بن قبيصة الطائي. وتَقوَادهُ الخيلَ حتى يطو ل كَرُّ الرواة وإيغالها ... ظلت الرواية هي الأساس في نقل الأشعار حتى عصر التدوين (فالتقاليد الشعرية العربية تقوم في أساسها على الرواية وقد ظلت الرواية الشفوية أساس نقل الشعر من جيل إلى جيل قبيل الإسلام وبعده، حتى تأسست الكتابة العربية ودونت الأشعار نقلا عن الرواة الشفويين، ومما هو معلوم أن الذين جمعوا الشعر العربي هم الرواة وبفضلهم بقي إلى أيامنا هذه، فقد كان الشعراء في الجاهلية يلقون أشعارهم في الأسواق فيتلقفها منهم السامعون فيرووها لقبائلهم وأقوامهم، وهكذا انتشر الشعر وضمن استمراره وبقاءه، مثلما ألقى شعراء المعلقات معلقاتهم وخاطبوا بها أسماع جماهيرهم وأطربوهم بلغتها، وأبهروهم بصورها وألهبوهم بموسيقاها، وأثاروا مشاعرهم، وحققوا التفاعل بواسطة الإنشاد وتناقلتها الرواة وسمعت عنهم قبل أن تُدّون وتكتب، واستمر هذا الأداء الشفاهي، وما تزال مظاهره في الشعر الملحون الجزائري إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وظل محتفظا بهذه السمة كفن شفاهي ينتهجه الشعراء والرواة معًا، والجمهور يتفاعل معهم، فالشعر قديما كان ينظم لينشد ويُغنى ويُروى ويُسمع، لأنّ الناس كانوا مهيئين للمشافهة، ويُلقى منطوقا على ألسنة الشعراء أو الرواة والمنشدين، وقد استمرت عادة إنشاد الشعر والتغني به وبقيت الأشعار والقصائد تنشد سنين طويلة أمام الجمهور، وظلت محببة من الشعراء والرواة والجمهور جميعا.

الكلمات المفتاحية

الراوي الشعبي - القوال الشعبي - الاحترافية - قداسة الرسالة