مجلة الراصد العلمي
Volume 4, Numéro 1, Pages 137-158
2017-01-15

الأسس الحضارية للتربية الروحية

الكاتب : مرزوقي بدر الدين .

الملخص

لاريب أن العلاقة المتبادلة والمعقدة بين الجسد و الروح تجد دلالتها الطبيعية ضمن مجال حيوي معنوي و مادي. هذا الأخير يشكل المناخ الفيزيولوجي الذي يستمد الكائن الحي منه أسباب الحياة الضرورية لنموه البيوفيزيائي مثل التنفس و التغذية (التمثيل و الهضم) والحركة وغيرها من العمليات البيو-كيميائية المعقدة. فهي ليست في الواقع إلا أشكالا متنوعة لعلاقتها العضوية بالمجال الحيوي. كما يمتد هذا التبادل العضوي ما بين الكائن الحي والبيئة الفيزيقية الكيميائية إمتدادا نوعيا إلى عالم آخر فوق عضوي يدعى المجال الثقافي. هذا الأخير يستمد منه الفرد كل ما يحتاجه من أسباب الحياة، لكن هذه المرة لا لكيانه المادي بل لكيانه النفسي. إن حياة الفرد المادية و المعنوية تعني في جملتها أن هذا الأخير لازال يولي هذه الصلة المتبادلة رعاية أسمى في مجالها الحيوي (الفيزيقي ـ الكيميائي) وفي مجالها الثقافي في آن واحد لأن أي اختلال في أسس العلاقـة المتبادلـة بين الكائـن و عالمـه المادي و الروحـي يعني الموت البطيء الحتمي. لهذا نجد أن مقاييسنا الذاتية ونقصد بها أحكام القيمة و المتمثلة في قولنا هذا جميل، وهذا قبيح أو هذا خير، وهذا شر…الخ والتي يتحدد سلوكنا بمقتضاها المعياري، تعبر في جوهرها عن مجال اللاشعور (الفطرة) الممتمد في أعماق الفرد والذي يتكلم فينا بلغته الخاصة (المعقدة) بصورة أو بأخرى. سنحاول في هذه الدراسة التعرف على بعض أبرز معالم العلاقة العضوية بين الروح والجسد من خلال الرابطة الأخلاقية والجمالية والعقلية والتقنية مجتمعة بصفة أصيلة وخلاقة، أي بوصفها منهاجا متكاملا للتربية يسمح بإعادة بناء الشخصية لتساهم بفعالية في عملية إنتاج وإعادة إنتاج أسباب المناعة الذاتية والموضوعية في المكان وفي الزمان.  

الكلمات المفتاحية

مالك بن نبي ، التربية الروحية، الحضارة، التربية