مجلة الاستاذ الباحث للدراسات القانونية والسياسية
Volume 3, Numéro 2, Pages 373-388
2018-06-20

حصانة الدفاع في المواد الجزائية

الكاتب : سفيان حلايمية . يوسف بوالقمح .

الملخص

يعتبر حق الدفاع في المواد الجزائية من المفاهيم الرصينة، والمستقر عليها في أغلب التشريعات والأنظمة العقابية، لما له من أهمية في الحقل العقابي، وعدالة المحاكمة الجزائية، لذا تدخلت جل التشريعات الوطنية للعناية بهذا الحق، وإرساء مقوماته وتحقيق مستلزماته، متأثرة في ذلك بالمواثيق والتشريعات الدولية، التي تصدت لبلورة مثل هذه الحقوق، حيث أنه لكل شخص أن يدافع عن حقوقه أمام القضاء دون أن يخشى التعرض لأية مسؤولية بسبب هذا الدفاع في إطار محاكمة عادلة. و لقد اعترف المشرع الجزائري بحق الدفاع و اعتبره مبدأ دستوريا و جعله مضمونا فالقضايا الجزائية كما وفر قانون الاجراءات الجزائية للمتهم وسائل اجرائية تكفل له الدفاع عن نفسه ودرء الاتهام الموجه اليه وذلك بالإقرار له بجملة من الحقوق تتمثل في: الاحاطة بالتهمة وحق الاستعانة بمحام و تقديم الطلبات وهي كل ما يتقدم به المتهم أو محاميه من التماسات إلى القضاء الجزائي بهدف تعزيز موقفه في الخصومة الجنائية ، وتحقيق مصلحته فيها بالشكل الذي يدعم وجهة نظره، ويضعف أو ينفي وجهة نظر خصمه ، بالإضافة إلى الدفوع الجزائية بنوعيها الموضوعية والإجرائية و التي تعد من أهم المكنات القانونية التي يسعى من خلالها المهم أن يحكم لصالحه و يدحض بها ادعاءات خصمه. ومن أهم الضمانات التي تضمن فعالية ممارسة حق الدفاع تزويد المتهم أو من يتولى الدفاع عنه بآلية قانونية تحول دون متابعته و مساءلته عما يثيره أثناء سير الدعوى في معرض دفاعه ، ألا وهي حصانة الدفاع وهي حصانة موضوعية يقتصر مداها على الأقوال والكتابات المتعلقة بحق الدفاع .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ ولقد كفل الدستور الجزائري حصانة الدفاع من خلال اعترافه بحق الدفاع وتحقيق مستلزماته و ضمانه فالمواد الجزائية من خلال المواد 59 و 169 كما استحدث المشرع المادة 170 من الدستور والتي تكفل الحصانة للمحامي حيث جاء نصها كالآتي " ‬يستفيد المحامي‮ ‬من الضمانات القانونية التي‮ ‬تكفل له الحماية من كل أشكال الضغوط وتمكنه من ممارسة مهنته بكل حرية في‮ ‬إطار القانون" ، كما كفل قانون المحاماة حصانة المحامي و الذي يتولى مهمة الدفاع بالوكالة بموجب الفقرة الأخيرة من المادة 24 من قانون المحاماة حيث نصت "لا يمكن متابعة محام بسبب أفعاله وتصريحاته و محرراته في إطار المناقشة أو المرافعة في الجلسة" وترجع الأسباب الكامنة من وراء تقرير هذه الحصانة للمتهم أو محاميه هو ضمان تحقيق المحاكمة العادلة ، حيث أن القانون يمنح حق الدفاع ويستفاد من ذلك إباحة الأفعال التي تنضوي تحت ممارسة هذا الحق ، فمن غير المعقول تقرير حق و تجريم وسيلة لازمة للتمتع بما يخوله من مزايا ، ذلك أن هناك قضايا لا يمكن ممارسة الدفاع فيها دون التجريح في أحد الأشخاص أو دون استخدام عبارات جارحة و بالتالي سيكون من غير العدل تحميل المتهم أو المحامي مسؤولية ما سينجر عن ذلك من مساس بشرف أو اعتبار الشخص.‬‬‬‬‬‬‬‬‬ و ينحصر نطاق حصانة الدفاع الموضوعي في الجرائم التعبيرية القولية أو الكتابية، التي تدور حول القذف، والسب والبلاغ الكاذب، مما يعني عدم مسؤولية المدافع عن هذه الجرائم طالما كانت من مستلزمات الدفاع، حيث تنضوي هذه السلوكات ضمن أسباب الاباحة شرط أن تكون مرتبطة بموضوع الدعوى ، أما عن نطاقها الشخصي فيشمل المتهم و مى يتولى الدفاع عنه ، و يجب أن ترتكب هذه الأفعال محل الحصانة وجاهة أمام جهات الحكم التي يتاح حق الدفاع أمامها دون غيرها.

الكلمات المفتاحية

حق الدفاع ، كفالة حق الدفاع ، تحصين الدفاع ، حصانة المحامي ، نطاق حصانة الدفاع .