دفاتر المخبر
Volume 9, Numéro 1, Pages 377-392
2014-04-16

انتظارات برامج الإرشاد النفسي التربوي في المدارس والمعاهد التونسية بين الواقع والمنشود دراسة ميدانية على عينة من المتعلّمين والمرشدين التربويين

الكاتب : سعيد الحسين عبدولي .

الملخص

إن العلم قدر كل المجتمعات وتوقها الأبدي إلى مسايرة العصر بكل تعقيداته، ولا يمكن للمعرفة باعتبارها انتاجا فكريا تستهدف الانسان إلا أن تكون أحد هذه الوسائل لتحقيق التقدّم. فالعملية التربوية هي مسؤولية مشتركة بين جملة من المكونات الفاعلة في المجتمع المتباينة في مراتبها الوظيفية، والمتحدة في مقاصدها. ذلك أنه لا يمكن دراسة الواقع التربوي في العالم العربي بمعزل عن جذره التاريخي ومفتقدا لمقاصده المستقبلية، باعتبار أنه لا يمكن تقييم العملية التربوية دون الأخذ بعين الاعتبار مكونات الأطراف الفاعلة في المجتمع حتى نراها كاملة لا منقوصة. ومن ناحية أخرى فإن المتعلّم الذي يمثّل رأس المثلّث التعلّمي التعليمي وفقا لأدبيات التعلّم الحديثة بحاجة إلى احاطة نفسية وتربوية قصد تحقيق جملة من الغايات التي تساهم في انجاح العملية التربوية من ناحية وتحقيق التقدّم مثلما ألمحنا إلى ذلك سلفا. إذا ما تفحصنا كل هذه المعطيات التي تبرز ارتباط الفاعل الاجتماعي بالمجتمع ككل، فإنه من الأهمية بمكان أن نذكّر بأن عملية الاصلاح التربوي التي حصلت في البلدان العربية رغم الاختلافات الجوهرية في البرامج والمناهج لا تزال بحاجة ماسة إلى دراسات ميدانية معمقة قصد تجويدها وتصويبها بما يلائم المشروع الكلي للمجتمع ألا وهو تحقيق النضج المعرفي الذي هو شرط الرقي. فضلا عن هذا وذاك، فإنه لا مناص لإدراك تلك الغايات دون الاهتمام بالمتعلّم، وهي مهمّة موكلة على عاتق صنّاع القرار قصد تحقيق الانسان النوع. باعتباره المحرّك الأساسي لعملية التطوّر وبالتالي فإنه بحاجة إلى إحاطة نفسية وتربوية شاملة، تراعي خصوصياته البيولوجية (باعتباره طفلا أو مراهقا) وانتسابه للفضاء (الأسرة والمجتمع) فضلا على تصوراته للمدرسة خاصة في ظل واقع مشـحون بالتوترات وكذلك الارتباك من المستقبل (التصورات والتمثلات للفاعل المدرسي) وجميع هذه الخاصيات تستدعي توفّر عنصر الاحاطة النفسية والتربوية من طرف الأخصائيين قصد الاحاطة الشاملة به ومساعدته على تخطّي كل المعوّقات التي تحول دون نموّه المتوازن والسليم. على هذا النحو فإن أبرز ما يميز البلدان المتحضرة (التجربة الفلندية والسويدية كمثال) هو اهتمامـها بالجانب النفسي والتـربوي للمتعلمين في كافة المراحل التعليمية، إذ سخّرت أقصى امكانياتها العلمية والمادية من أجل بلوغ مقاصدها حتى أن مقارنتها بواقع الحال في عالمنا العربي يعكس اتساع البون الذي ازداد عمقا عمّا كان عليه الوضع في النصف الثاني من القرن المنقضي أي بداية بناء الدول الوطنية.

الكلمات المفتاحية

برامج الإرشاد النفسي التربوي - المدارس -ىالمعاهد التونسية - الواقع والمنشود