الوقاية والأرغنوميا
Volume 5, Numéro 1, Pages 139-149
2011-12-20

9. معوقات مجتمع مدني السوي من خلال سوء دور مؤسساته

الكاتب : رايس زواوي .

الملخص

يبقى نجاح التنشئة الاجتماعية أو إخفاقها متعلق بالالتزام وفقا لإيديولوجية المجتمع الذي ينتمي إليه، أي لابد من وجود منطلق مشترك تتجمع حوله عمليات التنشئة المختلفة تكون منضبطة لحكم تفاعلات مختلف مؤسساتها، إيديولوجية يلتزم بها الآباء في الأسرة والمعلمون في المؤسسة التربوية – البيداغوجية والمجتمع عموما بكافة مؤسساته حتى يستطيع من إعداد النشء، بالشكل الذي نريده بتجنيه للعنف. تحقيق مجتمع مثالي خال من كل أشكال العنف يعني ضرورة التزام مؤسسات التنشئة الاجتماعية بالمنطلق الإيديولوجي الذي يفرضه المجتمع بتحقيق التزامه بكافة مؤسسات التنشئة الاجتماعية، ما يخلق تبدد التناقض بين مؤسساته اجتماعيا، هو شعور الفرد بالانتماء للمجتمع. نعتقد أنّ نجاح مؤسسات التنشئة الاجتماعية عن الحدّ من ظاهرة العنف في المجتمع، هو في إشراك كافة مؤسسات المجتمع المدني التي تمثله حتى يتسنى لنا متابعة قضاياه من خلال أشكلة أطاريحه، وهذا يعني: « أن تكون مجموع المعايير والقيم المشتقة من الثقافات ذات الطبيعة العصرية قادرة على تجهز الشخصية بمضمون قيمي وإيديولوجي يرشد حركتها في المجال الاجتماعي ويساعد على نضجها وجعلها قادرة على مواجهة مشكلات وقضايا العصر» ( لندة، 2010) يتحتم على المؤسسات المكوّنة للنسق الاجتماعي أن تعمل على ضرورة الاتساق بين مضمون التنشئة الاجتماعية ومتطلبات البناء الاجتماعي التي تنتمي إليه فترعى الأفراد للإئنتماء لذويهم ومجتمعاتهم ولا تحضرهم لمجتمعات أخرى بحيث يكونون على عتبة من العنف. إنّ تحقيق الصحة النفسية، يستلزم تآزر المؤسسات القائمة على تنشئة الأفراد وتوفير فضاء للاتصال والاستمتاع إلى النشء لا إلى النظر إليه لممارسة سلطة، فكل أشكال الخوف والترهيب، باتت منبوذة اجتماعيا، لأنّ في ممارسة العقاب والخوف لإلزام الأفراد على الانضباط ينشئ لنا أفراد عنيفين هم بالدرجة الأعلى غير سويّين، حيث الصحة النفسية، هي في التوافق النفسي والاجتماعي، وبذلك يكون الفرد مسؤولية الجميع، ولا يمكن تحميل الإخفاق أو حتى الاضطرابات والانحرافات السلوكية إلى مجال معيّن، بل هو مسؤولية كل المؤسسات الاجتماعية التي التزمت بحقّها لمراعاة الفرد وتنشئته، هذه القضية الخاصة بكل أشكال الانحراف والعنف لفتت الأنظار إلى إيجاد كل الفعاليات لإنجاح مجتمع صالح خال على الأقل من دوافع حدوث العنف، أو بالأحرى تلمس أسبابه. وعلى نحو متوافق، نجاح التنشئة الاجتماعية، هو في تكامل مضامين كافة مؤسساتها بتغطية كل المراحل العمرية في كافة المجالات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية والصحيّة التي يتعرض لها الطفل، ما يؤثر على الارتباط بين الأفراد وسياقهم الاجتماعي، فيتحول إلى كائن أناني رافض عنيف يتجه إلى كل مكان دون توجيه كنتيجة عن التعارض بين الأسرة والمدرسة من حيث المفاهيم والقيم ومعايير السلوك كبعض التفاعلات التي تعلمها الأسرة للطفل وهي غير مقبولة في المؤسسات الاجتماعية، أو كأن نلحظ التناقضات في أساليب التنشئة الاجتماعية بين القول والفعل كأن يرفع شعار المساواة ودرجة الاستحقاق وتكافؤ الفرص، فيجد الفرد نفسه مكبلا بالمعوّقات أمام ضعفه في مواجهة التناقض. ما يهم المختصون والمربّون من التنشئة الاجتماعية، هو أن يجد الطفل ( الفرد ) محيطا سليما يتكيّف فيه ايجابيا حيث يكسبه هذا الوسط ثقة بالنفس وبالآخرين وهذا عندما يتحقق التناسب بين الأسرة والأقران ( البيئة الخارجية)، فيستقر الفكر السيكولوجي على أنّ الفرد نتاج تفاعلات لا تحصى بين معطياته الوراثية وبيئته الفيزيقية والاجتماعية. لقد أشارت الدراسات: « إلى وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين ممارسة العنف في الأسرة والظروف الاجتماعية والاقتصادية السلبية للأسرة، فالفقر والبطالة تؤدي إلى الإساءة للطفل » (أبو جادو، 1998) حيث أنّ أساليب التنشئة الاجتماعية غير المقبولة وغير السوية تحدّد عدد الجانحين والمرضى الفعليين، لذا، أعتبرت الأسرة المؤسسة الأولى التي يشعر فيها الفرد بالانتماء، وهي النموذج التربوي للحدّ من ظاهرة العنف إذا راعت تناسب تطلعات الفرد ومتطلبات الأسرة، وللحدّ من ظاهرة الإقصاء والعنف كنتاج عن التنشئة الاجتماعية غير السوّية تطلب حتما تكيّيف الفرد مع المؤسسات التربوية منها: الأسرة – المدرسة – رياض الأطفال – وسائل الإعلام – جماعة الأفراد – المؤسسات الدينية.

الكلمات المفتاحية

التنشئة الاجتماعية ، التنشئة الاجتماعية ، الآباء، الأسرة، المعلمون،