RECHERCHES
Volume 8, Numéro 1, Pages 287-301
2015-07-30

بلاغة الاستفهام عند أبي حيان من خلال تفسيره "البحر المحيط" سورة البقرة نموذجا

الكاتب : فراجي علي .

الملخص

يعد البحث في بلاغة الإنشاء الطلبي من علم المعاني، وقد ظهر مصطلح الطلب أول مرة على يد المتكلمين الذين كان لهم دور فعال في بعث علم البلاغة. يقول د/أحمد مطلوب:" الخبر والطلب وهذان مصطلحان ظهرا منذ زمن مبكر على يد المتكلمين، ولا نستطيع أن نقرر أنهما منقولان عن اليونان أو ننفي النقل، فقد تكلم عليهما أرسطو كما تكلم عليهما النظام والجاحظ ومعظم المعتزلة وأصحاب علم الكلام". والطلب قسيم الخبر وهو ما لا يحتمل الصدق والكذب. يقول السكاكي (555هـ/622هـ): "والطلب إذا تأملت نوعان: نوع لا يستدعي في مطلوبه إمكان الحصول... ونوع يستدعي فيه إمكان الحصول". وقد جعل السكاكي من النوع الذي يستدعي فيه إمكان الحصول الاستفهام والأمر والنهي والنداء. يقول:" وأما الاستفهام والأمر والنهي والنداء فمن النوع الثاني". ويريد بمصطلح الطلب الإنشاء. وقبله قدامة بن جعفر(275هـ/337هـ) يسمي الإنشاء الطلب يقول:"والطلب كل ما طلبته من غيرك، ومنه الاستفهام والدعاء والتمني لأن ذلك كله طلب". ويسمي أبوحيان (654هـ ـ 745هـ)الإنشاء طلبا وهذا من خلال تفسيره "تفسير البحر المحيط" يقول مثلا:" فأتى بهذه الجملة الاستفهامية المتضمنة معنى الطلب." ولكن الذي سمى الطلب إنشاء القزويني (666هـ ـ 739هـ) ومن جاء بعده، حين تحدث عن أنواع الإنشاء الخمسة وهي التمني والاستفهام والأمر والنهي والنداء واعتبرها ـ الخطيب القزويني ـ من الطلب لأن الإنشاء عنده ضربان: طلب وغير طلب، الذي منه ـ أي غير الطلب ـ صيغ المدح والذم، والتعجب، والقسم، باعتباره نوعا من الخبر نقل إلى الإنشاء. وبهاء الدين السبكي (719هـ ـ 773هـ) يسمي قسيم الخبر إنشاء لا طلبا عندما أشار إلى الصلة الوثيقة بين علمي المعاني وأصول الفقه. يقول: "واعلم أن علمي أصول الفقه والمعاني في غاية التداخل فإن الخبر والإنشاء اللذين يتكلم فيهما المعاني هما موضوع غالب الأصول، وإن كل ما يتكلم عليه الأصولي من كون الأمر للوجوب، والنهي للتحريم ومسائل الاخبار والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد والإجمال والتفصيل والتراجيح كلها ترجع إلى علم المعاني. " وربما سبب تسمية الطلب إنشاء هو كون الجملة الإنشائية هي الجملة التي لم تشتمل على خبر، وإنما أنشأ النطق بها حدثا ما؛ كإنشاء طلب الفعل من المأمور نحو (صِلْ رحمك) أو نهيه عن فعل نحو (لا تبذر مالك) وكإنشاء طلب الفهم، إذا قلت للفقيه: هل يجوز أن أفعل كذا؟ أو ما حكم كذا شرعا؟ ونحو ذلك. إذا فليس القصد من الجملة الإنشائية الإعلام نسبة حكميّة تحققت أو لم تتحقق في الواقع، وإن كان يلزم عقلا من إيراد الجملة الإنشائية فهم قضايا وجمل خبرية أخرى لا تدل عليها الجملة الإنشائية بمنطوقها دلالة مباشرة، بل تدل عليها باللزوم الذهني كدلالة الجملة الاستفهامية على أن المستفهِم جاهل يطلب الفهم. وكدلالة جملة التمني على أن من أنشأها يتمنى في نفسه ما دلّت عليه عبارته، نحو: ليت زيدا ينجح. فيه نسبة كلامية هي تمني نجاح زيد، وله نسبة خارجية هي قيام هذا التمني في النفس. ولكن ليس المقصود من الجملة هو الإخبار بمطابقة هذه النسبة لتلك، وإنما المقصود هو إنشاء هذا المعنى.

الكلمات المفتاحية

علم المعاني- علم البلاغة - المتكلمين - المعتزلة - الأصول