مجلة الخلدونية
Volume 6, Numéro 1, Pages 343-367
2013-09-01

الأمية في الجزائر وسبل الحد منها

الكاتب : لخضر بن العيد طاهري .

الملخص

: الأمية ظاهرة اجتماعية تعيق تقدم الأفراد والمجتمعات, وتحتاج إلى اتخاذ عمل جماعي منظم, بغية مواجهتها والتحرر من آثارها الهدامة. ومن أهم أسبابها الخلل الذي أصاب البناء الاجتماعي للمجتمعات، نتيجة للظروف التي عاشتها هذه المجتمعات في فترة الاحتلال الأجنبي لأوطانهم, ورغم كل المحاولات التي اتخذت بعد خروج المحتل إلا أن الخلل ظل موجود, فرغم مرور فترة طويلة على استقلال الدول العربية ومنها الجزائر, إلا أن مجتمعاتنا "لم تتوصل حتى الآن إلى النتيجة التي بلغتها مجتمعات أخرى انطلقت من نفس النقطة", والمشكل لا يكمن في الإمكانيات المادية, فكثير من الدول العربية تعتمد على موارد طبيعية ساقها الله إليها, استطاعت أن تشيد بها البناءات وتستورد بها الأجهزة, إلا أن المشكل ظل قائما, فالخلل "لا يعزى لفقدان الوسائل, وإنما يرجع إلى فقدان الأفكار" فالمجتمع يبنى بالرجال وليس بالوسائل, وإن كانت الوسائل مهمة, ولكن أهميتها تبقى مرتبطة بقدرة الرجال على الإبداع والتفكير, "فقد توصلت اليابان من الإنقاص من جميع مشاكل التخلف بفضل تنظيم معين للمجتمع على قواعد أخلاقية, مما جعله يبلغ مستوى القدرة على مواجهة جميع أعبائه بواسطة وسائل تعد منقوصة على وجه الإجمال إذا قارناه ترقيما بالوسائل التي تقع" في حوزتنا, فالوسائل لا تعد هي العائق بل هي جزء من أفكار الإنسان, فالإنسان هو الثروة الحقيقة لكل مجتمع, وهو ما ينبغي أن يستثمر استثمارا مبنيا على قواعد أخلاقية تنطلق من المجتمع لتعود عليه بالنفع, أما عالم الأشياء فرغم أهميته إلا أنه يأتي في مرتبة بعد مرتبة الإنسان وأخلاقه وأفكاره, وبعد مرتبة المجتمع وتماسكه وتآلفه, وما نجده اليوم هو "ركاما مكدسا من الأشياء المشتتة الفاقدة للتآلف في قليل أو كثير". فالدول العربية تتكلم بلغة الأرقام عن الأشياء, وكأن الأرقام الكبيرة التي حققتها في ميدان بناء المؤسسات التعليمية, أو غيرها هي ما ينبغي الوصول إليه, ولكن الاهتمام بجوهر العملية الاجتماعية الرامية إلى النمو الحضاري للمجتمع ظل مفقود أو على الأقل دون المستوى, "وهذا ما يفسر لنا كيف أن اليابان نجحت حيث لم يحقق العالم الإسلامي, حتى هذا الحين نصرا حاسما على التخلف, لأن نشاطه قد طبق في عالم الأشياء والمنتجات, بدل أن يطبق ضمن النسق البشري ونسق الأفكار". فبناء الإنسان هو الطريق إلى بناء المجتمع ومواكبة الحضارة, وما لحضارة إلا مجموعة من أعمال الإنسان الفكرية والوجدانية والعمرانية. ولا يمكن أن تقوم لمجتمع حضارة إلا بالبناء السليم للفرد. وأول خطوة من خطوات البناء السليم للفرد, هي نشر القراءة ومحاربة الأمية. فما لمقصود بالأمية؟ وما أسبابها؟ وكيف هو وضعها في الجزائر؟ وما سبل الحد منها؟

الكلمات المفتاحية

الأمية في الجزائر