مجلة العلوم القانونية و السياسية
Volume 7, Numéro 3, Pages 50-63
2016-10-31

التعديل الدستوري الجزائري الجديد ومبدأ الفصل بين السلطات

الكاتب : عبد الحليم مرزوقي . صالح بنشوري .

الملخص

أجرى المشرع الدستوري الجزائري وبمبادرة من رئيس الجمهورية تعديلا دستوريا دون المرور عبر الاستفتاء الشعبي، وهو قرار اتخذه هذا الأخير، بعد رأي المجلس الدستوري بأن مقترح التعديل لا يمس البتة وبأي كيفية المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس أيضا التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. ومن بين التعديلات المهمة التي أوردها المشرع الدستوري، نجد الإدراج الصريح لمبدأ الفصل بين السلطات في ديباجة النص الدستوري، بل واعتبره من خلال نص المادة 15 من المبادئ التي تقوم عليها الدولة. وبما أن المبدأ تم تجاهله خاصة في فترة الحزب الواحد الذي تبنى الإيديولوجية الاشتراكية بدل الليبرالية، التي تعتبر حاضنة هذا المبدأ، بل وحتى دستور 1989 وإن تضمن المبدأ في روحه، إلا أن تجسيده لم يتم نظرا لما مرت به الدولة، استدعى دستورا لمواجهة الأزمة سنة 1996، ورغم تعديلي 2002، 2008 إلا أن تجسيد مبدأ الفصل بين السلطات لم يكن من بين الأولويات، إلى أن جاء تعديل 2016 ليضع الأمور في نصابها، ويعلن التبني الصريح للمبدأ، وعلى ضوئه لابد من مسايرة باقي مواد الدستور المتعلقة بالسلطات العامة في الدولة والعلاقات بينها لهذا المستجد، وعلى اعتبار أنه لا يكفي ذكره في الدستور صراحة، وإنما الحاجة إلى تجسيده فعليا تبدوا أكثر أهمية، وعلى كل المستويات العضوية والوظيفية، فهل كرس التعديل الدستوري في مضمونه مبدأ الفصل بين السلطات بكل أبعاده، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار والفعالية في عمل الهيئات التي تشكل النظام الدستوري الجزائري ؟. فإذا سلمنا بأنه على مستوى الفصل العضوي قد فصل فيها على أنه لا يجوز الجمع بين عضوية البرلمان وأي منصب آخر (المادة 116 من التعديل الدستوري)، قصد ضمان التفرغ التام، فإن الإشكال السابق يطرح بشدة على مستوى آليات العمل، والعلاقات بين السلطات خاصة التنفيذية والتشريعية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السلطة القضائية يجب أن تكون مستقلة مهما كانت طبيعة النظام الدستوري المتبع. وعليه سنحاول من خلال منهج تحليلي مادته الأولى نصوص مواد التعديل الدستوري 2016، إبراز آلية عمل السلطات العامة في الدولة، وحقيقة الفصل بينها، وقبل ذلك العودة بإيجاز لفهم المبدأ أكثر؛ انطلاقا من نشأته، ومضمونه، ومبرراته، والانتقادات التي طالته، وصولا إلى التعرض للدساتير الجزائرية المتعاقبة وموقفها منه، وكل ذلك من خلال ما سيأتي.

الكلمات المفتاحية

مبدأ الفصل بين السلطات؛ الاستفتاء الشعبي؛ النظام الدستوري؛ الاستبداد؛ السّلطة التنفيذية؛ السّلطة التشريعية.