مجلة الرسالة للدراسات والبحوث الإنسانية
Volume 2, Numéro 1, Pages 51-78
2017-03-31

رهانات التداخل بين التربية الإعلامية وعادات مشاهدة المواد الدرامية التلفزيونية وآثارها على الهوية الثقافية

الكاتب : العيفة سمير .

الملخص

قبل ثلاثين عاما لم يكن أحدا يتخيل أن ثورة تكنولوجيا الإتصال ستبلغ هذا المدى الهائل من التطور وقد لا يتخيل أحد اليوم ماذا وكيف ستكون عليه الأمور بعد عشر سنوات ، كانت أولى التوقعات للعالم الكندي مارشال ماكلوهان أن العالم سيصبح قرية كونية أمام التطور المذهل الذي إختصر الجهد وإختزل المسافات ، وفي سنة 1970 أصدر الكاتب الأمريكي "ألفن توفلر" كتابه بعنوان"صدمة المستقبل"، وقد شكل في حينه نبوءة لما نعيشه الآن من عواصف على مستوى الواقع والعلاقات الإجتماعية والوعي ، هذه العاصفة التكنولوجية لم يقف تأثيرها على الأبعاد المادية لحياة الإنسان وسلوكه ، بل إكتسحت مساحة الوعي بحيث بدت سرعة إحلال المعلومات والأشياء وإستبدالها مخيفة ، سواء على مستوى وسائل الحياة اليومية ، أم على مستوى الظواهر الإجتماعية ، ونجم عن هذه العملية السريعة والمركبة سرعة مقابلة طالت الأشياء والأفكار والسلوك وهكذا لم يعد المكان كما كان عليه وكذا الزمن ، فتسارعت وتيرة الإغتراب النفسي ، ودخلت المجتمعات قيم جديدة منها الإيجابي وأغلبها سلبي ، هذه القيم الجديدة التي نقلتها وسائل الإتصال الحديثة وخاصة الفضائيات التلفزيونية عملت على إضعاف الخصوصية الثقافية للمجتمعات بل قضت بصورة كلية على العديد من الثقافات الفرعية في بعض المجتمعات ، لتقوم العديد من المجتمعات يوميا أمام أنباء وإحصاءات تؤكد تلاشيء بعض اللغات و اللهجات المحلية، إذ أكد المجلس العربي للطفولة والتنمية في بيانه أن اللغات القومية مهددة بالذبول والموت في مواجهة اللغة الإنجليزية حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن عدد لغات العالم الآن يتراوح بين ستة آلاف إلى سبعة آلاف لغة وأن نصف هذه اللغات مهددة بالإنقراض في السنوات القادمة، وسينقرض 90 في المائة منها خلال هذا القرن . الامر الذي ضعفت امامه العلاقات الاجتماعية على مستوى القيم الفردية التي تمثل الاسمنت الذي يحكم النسيج الاجتماعي ،كما اخترقت المجتمعات بقيم بعيدة كل البعد عن خصوصياتها المألوفة والمعهودة ،لنقف امام اجيال هجينة تعقدت امامها سبل التقويم والتربية المألوفة والتقليدية . هذا الواقع الذي افرزته الميدا في شتى اشكالها وصورها حتم على المجتمعات ان تولي الاهتمام الكبير الى تطوير مناهج تربوية تأخذ بعين الاعتبار الابعاد الاعلامية ، بل تنفرد بمداخل تربوية اساسها هو الاعلام وحيثياته انطلاقا من المفهوم القاعدي للعملية الاتصالية ووظائفها . بمفهوم قاعدي يجب ان ننطلق في التأسيس لمفهوم التربية الاعلامية من منطلقات اتصالية صرفة تقوم على وظائف الاعلام الاربع والتي تعد التنشأة الاجتمعية احد عناصرها المحورية ،دون إغفال الوعاء القيمي للمجتمعات ،الذي يمثل المحدد الرئيسي لاتجاهات التربية في اي مجتمع من المجتمعات بكل ما يختصره المفهوم من عناصر ثقافية وتاريخية وحضارية تخص المجتمع . نحاول في هذه المدخلة ان نسبر اغوار العلاقة الوطيدة بين ثلاث عناصر رئيسية : التربية الاعلامية ،المواد الدرامية ،الهوية الثقافية ،والتي تتداخل جتمعة فيما بينها لتعطي ذاتا جديدة للفرد في مجتمعه ،هاته الذات التي تقوم على ما يعرف بالاحلال والابدال القيمي في ظل الاندماج والذوبان الشبه الكلي والتأثر الكبير بالمواد الدرامية التي يتلقاها المشاهد يويما على مختلف الوسائط الحديثة للاتصال ،ومدى ارتباطها بواقعه المعاش واقعه الاجتماعي ، قيمه الاجتماعية ، مقوماته وسلوكاته وردود افعاله في بيئته الواقعية الطبيعية في ظل اندماجه الكبير في هذا الواقع الافتراضي الذي بات حتمية يعيشها كل فرد .

الكلمات المفتاحية

التربية الاعلامية، الدراما، الواقع الإفتراضي، القيم، وسائل الإتصال