دفاتر السياسة والقانون
Volume 7, Numéro 12, Pages 149-166
2015-01-01

الثقافة السياسية وتطوّر المؤسّسة البرلمانية: قراءة سوسيوتاريخية في التجربة التونسية (1861-2011)

الكاتب : مراد مهنّي مراد .

الملخص

عرفت الدوّلة التونسية منذ أواسط القرن التّاسع عشر أولى التجارب البرلمانية إبّان ما سمّي بحركة الإصلاح وجسّمت من خلال تنصيص دستور 1861 على بعث المجلس الأكبر الّذي مثّل إلى حدّ ما مجلسا تشريعيا رغم عدم تمثيليته لمختلف الفئات الاجتماعية ولا سيّما الموجودة في الأرياف والبوادي . غير أنّ هذه التّجربة سرعان ما أجهضت بعد ثلاث سنوات فقط بفعل ثورة 1864 وتعليق الباي العمل بالدّستور. اثر حصول تونس على استقلالها الوطني سنة 1956 و قيام المجلس القومي التّأسيسي بإصدار دستور 1959 وقع إقرار برلمان ذو غرفة واحدة سمّي في البداية مجلس الأمّة تجسيما لقناعات الزّعيم بورقيبة بوجود أمّة تونسية ثمّ مجلس النوّاب اثر تنامي القوى الرافضة لفصل المجتمع التونسي عن الأمّة العربية الإسلامية وقد كانت فعاليّات هذا المجلس رهينة للسّلطة الأبويّة البورقيبية عموما. وفي 7نوفمبر1987 واثر انقلاب سياسي "طبّي" عمل الرّئيس السابق على ترسيخ نظام حكم كلياني يقوم على مصادرة الحرّيات وقمع كلّ المناضلين الحقيقيين وفي مقابل ذلك عمل على إيهام المجتمع الدولي بتحقيق "إصلاحات سياسية" لا سيّما على مستوى المؤسسة البرلمانية حيث وقع ضمان نسبة من المقاعد لفائدة أحزاب تبدو معارضة ولكنها في حقيقة الأمر مجرّد" أحزاب ديكور" كما وقع احداث غرفة ثانية سمّيت بمجلس المستشارين رفضتها كل القوى الاجتماعية والسياسية المعارضة في تونس . ومن جهة ثانية فقد عمل النظام السابق على بعث برلمانات استشارية موازية مثل برلمان الطفل وبرلمان الشباب ظاهرها تدعيم الثقافة البرلمانية وباطنها ترسيخ ثقافة سياسية تقوم على زبونية سياسية مفضوحة ومأسسة للانتهازية والفساد السياسي ممّا ساهم في اندلاع ثورة الحرية والكرامة في 17 ديسمبر2010 تعبيرا عن رفض الشعب التونسي للمسّ بكرامته وتتويجا لمسار كامل من المعارضة السياسية والاجتماعية . تبدو المرحلة الحالية مرحلة حاسمة في التاريخ السياسي التونسي بفعل تشكيل مجلس وطني تأسيسي منتخب بطريقة ديمقراطية بشهادة كلّ القوى السياسية التي شاركت في العملية الانتخابية وكلّ الملاحظين الوطنيين والأجانب كما يبدو أنّ المؤسسة البرلمانية سوف تعرف تغييرات جوهرية بعد إعلان حزب حركة النهضة الحائز على حوالي 40 من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي عن اتجاهه نحو النظام البرلماني.

الكلمات المفتاحية

الثقافة السياسية - المؤسّسة البرلمانية - التجربة التونسية - (1861-2011)