المعيار
Volume 8, Numéro 1, Pages 130-137
2017-06-30

قصيدة النثر، الحدود والخصائص

الكاتب : ناجي نادية . منقور صلاح الدين .

الملخص

من أشهر مقولات طه حسين أن: «التأريخ للظاهرة الأدبية أشد ما يكون استعصاءً على من يريد التدقيق في حصرها، وتحديد وقتها؛ لأنها لا تظهر إلا بعد مقدمات عدّة يتوافق بعضها على فعالية بعض، ومن هذا التوافق والتغالب تنتج الظاهرة الأدبية»1؛ انطلاقا من هذه المقولة نستنتج أن طه حسين يشير إلى قضية مهمة عند التأريخ لأي ظاهرة أدبية وهي أن أي جنس أدبي هو نتيجة لمقدمات عديدة تشترك فيها أطراف شتى وتتطور عبر الزمن لتتكون في الأخير مكتملة كما أريد لها. وإذا أردنا التعرف على نشأة هذا النوع من الشعر - ونعني القصيدة الحرة - في الساحة الإبداعية العربية، كان لزاما علينا أن نكشف عن أولياتها عالميا؛ فهي نتاج الثقافة الغربية بمختلف متغيراتها الاجتماعية والبيئية والاقتصادية والفلسفية. وقد كان الشعراء الرمزيون الفرنسيون وعلى رأسهم (شارل بودلير) في مجموعته (قصائد نثرية قصيرة) من الأوائل الذين كتبوا في هذا المضمار، كما تجدر الإشارة – هنا - إلى أعمال الشاعر (رامبو) الذي كان يؤكد على أنه مفتون بقصائد بودلير النثرية2، إضافة إلى الشاعر (مالارمي) الذي خطى بقصيدة النثر خطوات كبيرة حيث جعل من القصيدة حلقة وصل بين الشاعر والقارئ إذ يصرح: «إن معنى أبياتي هو ذلك الذي يعطيه لها القارئ»3. وقد تبنى هذا النوع من الشعر الشعراء الأمريكان، وأول أولئك الشاعر (والت ويتمان) خاصة في ديوانه (أوراق الشعب) الذي صدر سنة 1885 4. وتأسيسا على ما سبق فإنّ القصيدة الحرة قصيدة أوروبية، كما نجد بذورها لدى الشعراء الألمان، ثم يطورها الفرنسيون، والأمريكان بعد ذلك، وقد جوبهت بغير قليل من المعارضة خارج فرنسا بخاصة، لكنها لم تلبث أن حصلت على موقعها في الساحة الإبداعية، بل والغريب أن المتحمسين لها يزدادون يوما بعد يوم5.

الكلمات المفتاحية

قصيدة النثر، الحدود، الخصائص