التدوين
Volume 4, Numéro 1, Pages 54-58
2012-12-05

الرسم و تقويض لعبة التمثل: فوكو و الرسم

الكاتب : معزوز عبد العلي .

الملخص

بماذا يمكن تبرير إشكالية الفن عامة و الرسم خاصة في فكر ميشيل فوكو؟ ما منزلة الفن في فكر فيلسوف السلطة؟ لعل اهتمامه بالسلطة و تشريح آلياتها لا ينفصل عن تصور ما للفضاء وخاصة فضاء الاعتقال وفضاء المؤسسة السجنية l’espace carcéral. ولكن ما العلاقة بين الفضاء والرسم؟ إن الرسم باعتباره من أهم الفنون البصرية في العصر الحديث هو أساسا فن الفضاء في مقابل الموسيقى التي تعتبر فن الزمن و الديمومة. ليس هذا فحسب بل يمكن إرجاع اهتمام فوكو بدائرة البصري إلى تميُّز فكره بنوع من النجاعة البصرية. و عندما رام وصف ايبستمي التمثل لم يجد أفضل من تقديم كتابه ( الكلمات والأشياء) يتحليل للوحة (الوصيفات) للرسام الإسباني فيلاسكيز Vélasquez، باعتبارها مسرحا أو مشهدا للرؤية أو النظر. تجسد هذه اللوحة ما يتوخاه فوكو ألا و هو إبراز تعدد زوايا النظر، الذي هو أشبه ما يكون بلعبة مرايا، فضلا عن أنها تقدم من خلال تعدد زوايا النظر هذا شيئا منفلتا أو نقطة هاربة في مكان ما أو في موضع غير محدَّد، وفي النهاية تحدِّد تلك النقطة الهاربة كل شيء. حتى مفهوم السلطة عند فوكو هو أشبه بهذه النقطة الهاربة أو هذا الخط المنفلت ligne de fuite. فهي(أي السلطة)، لكونها ذات طبيعة ميكروفيزيائية، توجد في كل مكان ولا توجد في أي مكان, تستجيب لوحة فيلاسكيز لمطلب فكر وفلسفة فوكو الموسوم و المطبوع بلعبة إحالات لا نهاية لها حيث كل شيء محدَّد بعلاقات لا نهائية، و السلطة نفسها لا تتجلَّى سوى في شبكة علائق مجهرية. يمكن القول إذن ألا غرابة في اهتمام فوكو بالرسم خصوصا و بالصورة و بالثقافة البصرية عموما لأن فكره يتسم ببُعد بصري يُزاوج بين المرئي le visibleو المقال le dicible ، بين المعبَّر عنه بصريا و المعبَّر عنه قولا. يتحدَّد عصر ما و نظام معرفي معيَّن بنوع العلاقة أو بالشكل الذي تنتظم فيه العلاقة بين ما يُرى و ما يُقال، بين الصورة والقول, لكل عصر أيقوناته icônes وصوره التي تميِّز نظامه المعرفي وهو ما اقتضى من فوكو الاستجابة إلى المطلب البصري. وأثمرت هذه الاستجابة تحليلات لنماذج فنية ولتجارب فنانين كبار أظهرت لوحاتهم جوانب من فكره تندُّ صياغتها في القول.

الكلمات المفتاحية

فوكو, الرسم, التقويض, السلطة, الفن