مجلة صوت القانون
Volume 1, Numéro 1, Pages 115-125
2014-04-16

السلطة التنفيذية و الحريات العامة في الظروف الاستثنائية دراسة تطبيقية عن حالة الجزائر

الكاتب : لدرع نبيلة .

الملخص

تعتبر القواعد الدستورية المرجعية الشرعية لمختلف الأنظمة العالمية المقارنة، بحكم احتوائها على التنظيم العام للسلطات في الدولة، كما أنها تنص في نفس الوقت على الضمانات الأساسية للحقوق الفردية و الحريات العامة للمواطنين، بشكل موجز و سطحي، بينما ترجع التفاصيل المتعلقة بها للنصوص التشريعية. و لهذا السبب نجد بأن السلطة التشريعية هي السلطة الأصلية المختصة في وضع القواعد القانونية التي تخص مجال الحقوق الفردية و الحريات العامة، إلا أن الأنظمة العالمية المعاصرة انقسمت في هذا إلى قسمين: القسم الأول، لا يقيد مجال التشريع، و يمنح الحق للبرلمان في تنظيم كل المجالات، و لكنه في نفس الوقت يعتبر من موضوع الحقوق و الحريات العامة اختصاصا تقليديا للبرلمان لا يمكن لأية سلطة أخرى التطاول عليه، لاسيما السلطة التنفيذية.(1) أما القسم الثاني فهو يقيد مجال السلطة التشريعية بشكل حصري، و في نفس الوقت يجعل من هذه الحقوق و الحريات لب و نواة هذا القيد، بحيث يلزم البرلمان بالتشريع في مجالها.(2) و هذا في الحالة التي يعرف فيها النظام السياسي في الدولة كل مميزات و ثوابت الاستقرار، غير أن الدولة قد تشهد في مرحلة معينة من مراحل تطورها السياسي و الدستوري بعض المشاكل التي تؤدي إلى الوقوع في أزمة سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية، تسمي بالظروف الاستثنائية التي يتحقق معها تهديد النظام العام عن طريق المساس بكل من استقرار و أمن مؤسسات الدولة، و كذا سلامة التراب الوطني و الممتلكات و المواطنين، بشكل يؤدي إلى تدهور الضمانات التي تحمي الحقوق الفردية و الحريات العامة، مما يتطلب التفكير بجدية في وضع ميكانيزمات دستورية جديرة بالوقوف في وجه هذه المشاكل، حتى و إن كان ذلك على حساب المساس بالعديد من الضمانات الدستورية. و لهذا السبب غالبا ما يفكر المؤسس الدستوري في تصور هذه الظروف و يرفقها بالحلول المناسبة لها، طبقا لما يتناسب مع طبيعة النظام السياسي القائم، فبالنسبة للدول التي تأخذ بالنظام الرئاسوي أو ما يسمى بالنظام المختلط المستوحي من النظام الفرنسي الذي أقامه دستور 1958 و منها الجزائر، تكون السلطة التنفيذية هي السلطة المسؤولة دستوريا عن المواجهة المباشرة لهذه الظروف، و لذلك تزود بسلطات واسعة في هذا المجال، في مقابل المساس بالحريات العامة و الحقوق الفردية. تعرضت الجزائر في فترة التسعينيات إلى أزمة سياسية خانقة ترتب عنها الدخول في حالة استتثنائية، و كان اللجوء إلى استعمال سلطات استثنائية تتلاءم مع هذه الظروف أمرا محتما لا مفر منه، حيث استأثر السلطة التنفيذية لنفسها العديد من الاختصاصات غير المألوفة، مما وضع الحقوق الفردية و الحريات العامة في موقف حرج. و لابد من السعي وراء البحث عن حل الإشكالية المتعلقة بتحديد وضع الحريات العامة و الحقوق الفردية في الجزائر في ظل الظروف الاستثنائية التي عرفتها بعد أزمة 1992. فما هي حقيقة الظروف الاستثنائية التي عرفتها الجزائر؟ وكيف تعاملت السلطة التنفيذية حيالها؟

الكلمات المفتاحية

السلطة التنفيذية ، الحريات العامة ، الظروف الاستثنائية