مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية
Volume 1, Numéro 1, Pages 172-185
2011-01-01

قيد النظام العام على الاجتهاد القضائي في الزواج المختلط

الكاتب : بشرى زلاسي .

الملخص

كان الناس منذ بداية البشرية، ومازالوا في حاجة للعيش والتعامل بعضهم مع بعض، مما دفعهم إلى الاختلاط والتزاوج خارج إطار الجماعة وهذا ما يعرف بالزواج المختلط، بالرغم من وجود بعدد ثقافي وديني، وغياب ماضي مشترك في غالب الأحيان بين الزوجين. ولقد ورد الزواج المختلط في مختلف الشرائع السّماوية، منها الشريعة اليهودية والمسيحية والإسلامية، إلا أنها اختلفت كل منها في تحديد أحكامه وشروطه وكذلك أسباب تحريمه. فالشريعة الإسلامية تعتبر الزواج المختلط ذلك الميثاق الغليظ الذي تتوحد به الأنفس والعقائد، وعلى هذا الأساس ضبطت الزواج المختلط وقيدته بقيود لا يجوز مخالفتها سواء للمسلم الذي لا يجوز أن يتزوج ممن تخالفه في العقيدة، أو المسلمة التي لا ينكحها إلا مسلم. فالزواج المختلط أضحى ظاهرة عالمية اجتماعية وقانونية، فهو اختلاط نجده غالبا بين الدول الإسلامية خاصة منها معظم دول المغرب العربي، والدول الغربية الأوروبية خاصة منها فرنسا. وإذا كان الزواج المختلط ظاهرة قانونية في مجال القانون الدولي الخاص، كونه أكثر العلاقات تعرضا للتنازع بين القوانين، لأن الأنظمة التشريعية الدولية أخضعت مسائل الأحوال الشخصية بصفة عامة والزواج بصفة خاصة إلى قواعد وأحكام آمرة كونه وثيق الصلة بالمفاهيم السياسية والاجتماعية والدينية لنظام معين.( ) فهذه الاختلافات التشريعية شكلت المنبع الرئيسي لنشؤ النزاعات القانونية الدولية، وهي اختلافات تتمحور في غالب الأحيان حول أحكام عقد الزواج أي انعقاده وآثاره وانحلاله، وهي اختلافات سائدة خاصة بين الأنظمة العربية الإسلامية والدول الغربية العلمانية التي استمدت العديد من أحكامه من القواعد العامة للقانون الكنسي والروماني . كل هذه الاختلافات جعلت القاضي يعلق تطبيق القانون الأجنبي المختص بشرط عدم المساس بالأسس الجوهرية لنظامه القانوني الوطني وهذا ما يعرف بالنظام العام الذي يكتسي أهمية بالغة لدى الدول العربية الإسلامية عامة ودول المغرب العربي خاصة ومنها المشرع الجزائري الذي أخضع كافة مسائل الأحوال الشخصية لقانون الجنسية وعبّر على ذلك بتعبيرات مختلفة في القانون المدني إلا أن هذا الدفع سيعرقل دون شك من وظيفة قاعدة الإسناد التي تعد وسيلة فنية لحل التنازع بين القوانين، كما قد يكون إجحافا حين يمتد أثره إلى الحقوق المكتسبة في الخارج ومنعه لسريان آثارها في دولة أخرى. وإذا رجعنا إلى القانون الجزائري نجده قد وضع كغيره من الأنظمة القانونية قواعد إسناد تحكم الزواج المختلط سواء في القانون المدني وقواعد أخرى مكملّة لها في قانون الأسرة، وقانون الحالة المدنية . وإن كان النظام العام يعتبره المشرع الجزائري كصمام أمن (une soupape de sécurité) يدفع به ضد كل قانون أجنبي مخالفا للمبادئ الجوهرية لدولته وليحل في الأخير محله في الاختصاص، فهل هناك للاجتهاد القضائي من سبيل في أداء دورا توفيقيا بين المصلحة الوطنية، والتكيف بينها وبين القانون المخالف في بعض القواعد والنصوص القانونية الخاصة بشروط انعقاد الزواج المختلط ؟

الكلمات المفتاحية

النظام. العام. الاجتهاد. القضاء. الزواج. المختلط. الدولي. الخاص