مجلة البحوث والدراسات القانونية والسياسية
Volume 1, Numéro 1, Pages 46-55
2011-01-01

الاجتهاد القضائي الفرنسي في مجال تعدد الزوجات

الكاتب : هنية شريف .

الملخص

إن تعدد الزوجات ليس ظاهرة عشوائية، بقدر ما هو سلوك سمحت به الشريعة الإسلامية يقوم به الفرد إذا توفرت فيه ضوابط وشروط أقرها قانون الأسرة الجزائري بمقتضى نص المادة الثامنة المعدلة بقولها : "يسمح بالزواج بأكثر من زوجة واحدة في حدود الشريعة الإسلامية متى وجد المبرر الشرعي وتوفر شروط ونية العدل. يجب على الزوج إخبار الزوجة السابقة والمرأة التي يقبل على الزواج بها وأن يقدم طلب الترخيص بالزواج إلى رئيس المحكمة لمكان مسكن الزوجية. يمكن رئيس المحكمة أن يرخص بالزواج الجديد، إذا تأكد من موافقتهما وأثبت الزوج المبرر الشرعي وقدرته على توفير العدل والشروط الضرورية للحياة الزوجية" . وبالرغم من أن القانون الجزائري حاول تنظيم هذه الظاهرة بما يتماشى وحقوق الزوج من جهة وحماية منه للزوجات في حالة تعسف الزوج من جهة أخرى إلا أن هذه الظاهرة أثارت عدة مشاكل بشأن تطبيقها ليس فقط أمام المحاكم الفرنسية التي تحظر مثل هذه التصرفات بل كل المحاكم التي لا يستمد قانون أحوالها الشخصية أحكامه من الشريعة الإسلامية ، فصحيح أن الزواج بين مختلفي الجنسية أو ما يعرف بالزواج المختلط حقق التقارب الاجتماعي والثقافي والروحي بين عنصر وطني وطرف يحمل الجنسية الأجنبية، أو بين عناصر مختلفة الجنسية دون أن يكون كل منهما يحمل الجنسية الوطنية إلا أنه أثار مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على هذا العلاقة الزوجية الذي يحسم بالرجوع إلى قواعد الإسناد، وليست هذه المشكلة الوحيدة التي لمسها الزواج المختلط بل نجد أنه في مجال الجنسية أثار مسألة تحديد مدى تأثير هذا الزواج على جنسية الأسرة . فقواعد الإسناد المعتمدة في حل مسألة تنازع القوانين كانت معظمها نتاج اجتهادات قضائية خاصة منها القضاء الفرنسي ونفس الاتجاه نجده مطبق على الأحوال الشخصية، إذ شكلت الشريعة الإسلامية التي تعترف بتعدد الزوجات والطلاق بالإرادة المنفردة للزوج، الزواج بالطريقة الشرعية ...الخ من المسائل أكبر التحديات التي فرضت على المجتمع الفرنسي من جهة، كما حظيت باهتمام القضاء الفرنسي من جهة أخرى لحسم التعارض الموجود بين نظامه القانوني وأغلبية الأنظمة العربية فما مدى استيعاب القضاء الفرنسي لأحكام الشريعة الإسلامية خصوصا ما تعلق منها بتعدد الزوجات خاصة وأنه لا يجوز الاجتهاد مع النص ؟ أو بعبارة أخرى هل يمكن للقضاء الفرنسي وحتى قانونه سماح لتعدد الزوجات بترتيب أثاره في الإقليم الفرنسي بعدما تم في الخارج سواء بين أجانب أو طرف فرنسي وأخر أجنبي؟ ، ومن خلال هذه المداخلة سيتم تسليط الضوء على الانشغالات التي يثيرها تعدد الزوجات وغيرها من المواضيع التي طالما سال حولها الحبر. فعقد الزواج هو أكثر مواضيع الأحوال الشخصية التي تثير النزاع والخلاف بين الدول، نظرا لاختلاف فكرة الزواج من بلد لأخر، واختلاف شروط وشكل انعقاده وأثاره وانقضاءه ، فقد يكيف قانون دولة معينة العلاقة التي تكون بين رجل وامرأة على أنها جزء لا يتجزأ من عقد الزواج في حين يراها قانون دولة أخرى علاقة غير مشروعة ، فحل هذه المسألة متوقف على القانون الشخصي للزوج أو الزوجة على حسب ضابط الإسناد المعتمد في الدولة .

الكلمات المفتاحية

الاجتهاد. القضاء. فرنسا. التعدد. الزواج.