مجلة الحضارة الإسلامية
Volume 16, Numéro 26, Pages 341-366
2015-02-01

القراءات القرآنية بين حقائق الشرع و سموم الاستشراق

الكاتب : خير الدين فلاح .

الملخص

إنّ مهمّة الباحث تكمن في أصالة أبحاثه العلمية ، وفي عمق تحليلاته الموضوعية، و في جدّية تحقيقاته الفكرية خاصّة إذا كانت هذه الدراسات ذات علاقة بكتابات المستشرقين المغرضين ، فعندئذ تجب الموضوعية في المعالجة،و الدقّة في الطرح،و العزيمة في الدفاع عن الحقّ كشفا لعورات الاستشراق البغيض،و سمومه الفتّاكة قال الشاعر: إنّ الأفاعي و إن لانت ملامسها عند التقلّب في أنيابها العطب. لقد ركّز المستشرقون في دراساتهم على القرآن الكريم لكونه محور عقيدة المسلمين،و أصل وجودهم الحضاري، فشكّكوا في ربّانية مصدره من خلال القدح في شخصية الرسول صلى الله عليه و سلم،و وصفه بصفات القبح،أو لمز أصحابه بفرية التحريف و تهمة التبديل،أو وصف القرآن باضطراب أسلوبه ،و عجمة ألفاظه ،أو محاكاة مواضيعه قصص اليهود و النصارى، أو التشكيك في طريق ثبوته من خلال موضوع القراءات القرآنية و الأحرف السبعة،و مع ذلك فإنّ النقل الصحيح المعصوم عندنا،و الرأي الصريح المعلوم لدينا قد دلّ كلاهما قطها و يقينا أنّ الله تعالى قد تكفّل بحفظ كتابه،فقد قال سبحانه:" إنّا نحن نزّلنا الذكر و إنّا له لحافظون "1،و إنّ من خصائص حفظه إعجازه الخالد الذي أعجز العقول عن الإتيان بمثله،و أسر القلوب عن النّظر إلى غيره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبي صلى الله عليه و سلم قال:" ما من الأنبياء نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر،و إنّما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إليّ،فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة."2 قال ابن حجر رحمه الله تعالى:" فمعجزات الأنبياء انقرضت بموت أصحابها أمّا معجزة القرآن الكريم فهي إلى يوم القيامة لأنّ المعجزات الماضية حسيّة تشاهد بالأبصار أمّا معجزة القرآن فتشاهد بالبصيرة،فالذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض المشاهد،و الذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأوّل مستمرا."3 إنّ البحث نقطة علمية في بحر التبليغ الشرعي أرفع بها تبعة التكليف النبوي:" بلّغوا عنّي و لو آية." و أدفع بها انتحال المبطلين ، و تأويل الجاهلين ،و عبث المحرّفين بتحليل نحسبه قارب التمام ، و حجّة واضحة لاشية فيها أساسها القرآن و السنّة نبطل به الشبهة المفتراة ،و نهدم مستندها الواهي بتأصيل مقنع و عرض مبدع نردّ فيه الأقوال إلى أصحابها، و النقول إلى مصادرها، و كما قيل: بركة العلم في نسبة القول إلى قائله

الكلمات المفتاحية

الاستشراق المستشرقون القراءات القرآن