مجلة النمو الاقتصادي والمقاولاتية
Volume 4, Numéro 7, Pages 82-170
2021-10-23

تسخير الإبتكار والمقاولاتيّة لخدمة العالم الإسلامي بل والإنسانيّة جمعاء: تأثيرات، دروس وآفاق من جائحة كورونا “كوفيد-19“

الكاتب : أوكيل سعيد .

الملخص

في الأشهر القليلة الماضية تفاجأ العالم بأسره وعاش حالة من الذّعر الشّديد نتيجة حلول وباء فتّاك يدعى “كورونا” والذي أصبح في حينه حديث الساعة الأكبر والأهمّ عبر كامل المعمورة. وكان لوسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي دور محوري في زيادة الطّين بلّة بالأخبار السريعة والمتجدّدة. ولقد نتج عن ذلك تدنّي محسوس جدّاً لسيرورة الحياة العامّة دوّليّا في مختلف نواحيها، بما في ذلك العمل والتنقّل والتعليم والأعمال والتّصنيع والنشاطات الرياضيّة والصلوات في المساجد وفضاءات اللقاءات وغير ذلك. وتوجّهت بذلك جهود حثيثة مباشرة نحو المعالجة والتسارع في إيجاد وتسويق مضاد أو دواء مناسب وفعّال من طرف الباحثين وشركات الأدوية، إلى جانب مبادرات من القطاعين العمومي والخاص، وكذا المنظّمات المتخصّصة. إنّ إحدى الظواهر الهامّة والملفتة للنّظر ضمن إهتماماتنا البحثيّة والتي برزت نتيجة الظّروف الإستثنائيّة الحاليّة ملزمة جلّ أو معظم الناس منازلهم في عزلة قسريّة وقلّلوا من تنقلاتهم، بل وحتّى معاشرتهم بعضهم البعض بشكل حاد، ممّا أثّر سلباً على الحياة في صورتها الطبيعيّة والحميميّة ، إنّما هي تفتّق عقول الكثير من الكفاءات والمواهب في مختلف البلدان متيحة لها المساهمة في مواجهة هذا الوباء الخطير، سواء بإبتكار الدواء في أقصر سرعة ممكنة أو مختلف المستلزمات الأخرى المساعدة ، والتي من شأنها الحدّ من تفشّي المرض محليّاً أو دوليّاً ، وحيث الحاجة الماسّة إذن إلى العلوم والإبتكار والتقنة والمقاولاتيّة أو ريادة الأعمال. بإعتبار إهتماماتنا العلميّة سوف نقوم بدراسة هذه الظاهرة المذكورة مع مختلف آثارها وتأثيراتها في نطاق الفكر والفعل الابتكاري والريادي أو المقاولاتي، وحيث العنوان المشتقّ لهذا البحث الذي يهدف إلى ما يلي: أوّلاً تبرير ضرورة أخلقيّة المهن والأبحاث والمبادرات والسيّاسات والممارسات، وضرورة تقنين مختلف النشاطات على المستوى العالمي، بكل صرامة ممكنة وفق القوانين والأعراف الدوّليّة العادلة؛ ثانيّاً تبيان في محور مركزي الدور الحاسم للإبتكار والإبداع وروّاد/رائدات الأعمال في معالجة قضايا البشر، بما فيهم المسلمين سواء في بلدانهم الأصليّة أو في أماكن الهجرة والإغتراب، مع التركيز على وباء كورونا؛ وثالثاً تقديم أوعرض مجموعة من المقترحات والتوصيّات التي من شأنها رفع الإلتباس في المفاهيم وتأكيد بعضها، من جهة، وكذلك تبربر ضرورة تكثيف الجهود وتنسيقها من أجل الوصول إلى مخارج مشتركة للأزمة مع مخرجات ذات قيمة ليس للمسلمين فقط، ولكن للإنسانيّة جمعاء والحياة عامّة. فإذا كان الإبتكار في الماضي البعيد فعلاً يُمارس من أجل الإبتكار، كنشاط فردي حر من طرف الموهوبين، فقد تطوّر بعد ذلك، خاصّة بعد الثورة الصناعيّة، كنشاط يعالج جوانب عامّة منها الإقتصاديّة والإجتماعيّة والتكنولوجيّة المختلفة بقواعد السوق الحرّة، فهو الآن ومستقبلاً يٌفترض أن يُستغلّ كنشاط ضروري سواء فردي أو جماعي للتحدّي للأخطار والأزمات التي يواجهها الإنسان أينما كان، ومهما كان مستواه المعيشي ومنصبهم الإجتماعي ولونه وغير ذلك، إي بإعتماد أُسس أخلاقيّة وإنسانيّة حقّة. وفي خضم المجهودات المبذولة عبر العالم، فإنّ هناك باحثين ومفكّرين ومتخصّصين مسلمين مثل غيرهم يحاولون التصدّي للوباء إنطلاقاً من مجموعة من البديهيّات كالوقاية خير من العلاج، ثمّ القيام بالإجتهادات الفكريّة الإبداعيّة والإبتكاريّة في المخابر لتتحوّل بعد ذلك إلى مخرجات ملموسة ذات قيمة ومنفعة. ولعلّ المشكلة الكبرى الواجب التنديد بهاب كلّ قوّة ومحاربتها هي تفضيل المصلحة الخاصّة، كالبحث عن تعظيم الإرباح عن المصلحة العامّة. وكأنّ العالم مازال يعيش في ظلّ إفرازات الليبيراليّة وإقتصاد السّوق الكلاسيكيّة الحرّة، حيث البقاء للأقوى الذي هو منافٍ تماماً للسلم الضروري لحماية الإنسانيّة. وللعالم الإسلامي والمسلمين حظوظ حقيقيّة تمكّنهم من مواجهة الصعاب والأزمات والتهديدات مع إثبات أنّ المبادئ والقواعد والسلوكات الفعليّة الإسلاميّة صالحة لهذا العصر، بل ولعلّها الأنسب. إنّ إسترجاع عزّة الإسلام ومكانته مرهونة بإرادة وشجاعة ومسؤوليّة الرجال والنساء ذوي الرؤية الثاقبة والنيّة الصادقة خدمة للدّين والعباد. إنّ التحدّيات الحاليّة تتيح فرصة تآزر حقيقيّة للبلدان الإسلاميّة لتصبح قوّة توازن في العالم الجديد، على أن يكون المسؤولون ومتّخذو القرارات حقّاً ذوي كفاءة وفي مستوى الحدث.

الكلمات المفتاحية

جائحة كورونا ; فيروس “كوفيد-19 ; تكنولوجيا ; رأس المال الفكري ; بحث وتطوير ; إبداع، إبتكار ; ريادة الإعمال ; الأخلاقيات ; تنظيم دوّلي جديد