مجلة الإناسة و علوم المجتمع
Volume 1, Numéro 2, Pages 263-302
2017-12-30

المواطنة والمصلحة العامة في الدولة الحديثة العقد الاجتماعي عند روسو نموذجا

الكاتب : أحمد بن بوحة .

الملخص

يمثل العقد الاجتماعي عند جون جاك روسو أحد المناهل الفلسفية والقانونية لفكرة ولممارسة المواطنة في المجتمعات الديمقراطية والمدنية الحديثة، وذلك لما يَحمله العقد من مبادئ وأساسات تُشيّد لبناء التجمعات الثقافية والمؤسسات السياسية الحديثة، خاصة منها مؤسسة الدولة باعتبار هذه الأخيرة عمودا ومركزا للتنظيمات السياسية. لقد رَسم العقد الاجتماعي الروسوي(نسبة إلى الفيلسوف الفرنسي جون جاك روسو) نموذجًا للمواطنة من خلال بسْط لمبادئ ونظريات فلسفية تؤسس لنظرية الحُكم ولمفهوم الحريات العامة والخاصة ولمفهوم السيادة ومبدأ المصلحة المشتركة التي تُقابل المصالح الجزئية المتنافرة، فالإرادة العامة هي المشروع المنشود من طرف روسو التي بها يُسلِّط الضوء لإرساء أرضية بناء الدولة الحديثة التي تَنزع إلى تحقيق الخير العمومي وخير الجميع، مقابلة للميول والأهواء والأنانية التي هي نتاج الإرادة الجزئية. يمثل العقد الاجتماعي أداةً لتحقيق المصلحة العامة، لأنه يقوم على مبدأ المشاورة التي تتأسس عن طريق الإرادة العامة la volonté générale مُقابلة للإرادة الجزئية la volonté particulière، هذه الأخيرة هي وليدة الخداع الذي ينشأ من طرف العصبيات الجزئية فالدولة الديمقراطية المدنية الحديثة، هي وليدة التشاور الذي يُؤسس للإرادة العامة. فالتشاور كمبدأ أخلاقي وكمبدأ إجرائي هو مسلكٌ صالحٌ أبدا حيث يُترجم صحة وقوة الإرادة العامة التي لا تخطئ في تصويب هدفها العام الرامي إلى تحقيق المنفعة العامة، في حين إذا خضعت الإرادة العامة للعصبيات الجزئية، صارت هذه الإرادة لكل عصبية إرادة عامة إلى أصحابها فقط، وتحوّلت إلى إرادة خاصة بالنسبة للدولة، وبذلك يتم خداع الشعب. يُنتِج العقد الاجتماعي سيادةً تتمثل في وجود شخص معنوي واحد شامل كليٌ ألا وهو الدولة ،وليست الدولة الديمقراطية الحديثة أفرادا عينيين متجزئين منقسمين، فالكينونة المعنوية للدولة تُذيب في داخلها الأشخاص والأفرادَ وتخضعهم داخل المؤسسات، حيث تتأسس هذه الأخيرة وتخضع بدورها لمبدأ العقد الذي به تنشأ وبه تُنتخب وتُشيّد القوانين العامة وبهذه القوانين تتأطر المواطنة. يتمثل إذن؛ دور العقد الاجتماعي- في نموذجه الروسوي– في بسط قواعد المواطنة القائمة على تشخيص المصلحة العامة والمشتركة في الدولة الحديثة وأولويتها مُقابلةً للمصالح الخاصة والفردية.

الكلمات المفتاحية

المواطنة، العقد الاجتماعي، المصلحة العامة، المؤسسات، الدولة الحديثة، الإرادة العامة.